للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التّراب، وسحَاقَة الخَزَفِ لا تسمى ترابًا أصلاً، لا مطلقاً، ولا غير مطلق، فهي خارجة عن اسم التراب، ولا حاجة إلى هذا القيد، يوضح ذلك أنه حكى عن نص الشافعي -رضي الله عنه- في الأم أنه قال: إن دق الخزف ناعماً، لم يَجُزِ التَّيمم به، لأن الطَّبخ أحاله عن أن يقع عليه اسم التراب، ولو أحرق التراب حتى صار رماداً، فكذلك لا يجوز التَّيمم ولو شوى الطّين المأكول، وسحقه، ففي جواز التيمم به وجهان:

أحدهما: لا يجوز كالخزف والآجِرِ المَسْحُوقَيْنِ.

والثاني: يجوز [وهو الأظهر] (١) لأن اسم التراب لا يبطل بمجرد الشيء، بخلاف طبخ الخَزَفِ والآجر، فإنه يسلب اسم التراب، ويجعله جنساً آخر، ولو أصاب التراب ناراً، فاسود ولم يحرق، بحيث يسمى رَمَاداً، فعلى هذين الوجهين.

ونختم الفصل بالتَّنْصِيصِ على المواضع المستحقّة من لفظ الكتاب المرقوم المشيرة إلى ما حكينا من الاختلافات.

فنقول ينبغي أن يعلم قوله: "فلا يكفي ضرب اليدين على حجر صَلْدٍ" بالحاء والميم، وكذا لفظ: "التراب" في قوله: "ليكن المنقول ترابًا طاهراً" أو قوله: "ولا يجوز الزرنيخ" إلى آخره بهما بالواو، لما رواه الحناطي، وقوله: "وإن كان قليلاً" بالواو [وكذا "سحَاقَةُ الخزف" لما رواه الحناطي، وقوله: "ويجوز بالرَّمل" بالواو.

قال الغزالي: (الثَّاني) القَصْدُ إِلَى الصَّعِيدِ فَلَوْ تَعَرَّضَ لِمَهَابَّ الرِّيَاحِ لَمْ يَكْفِ، وَلَوْ يَمَمَّهُ غَيْرُه بِإِذْنِهِ وَهوَ عَاجِزٌ جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَادِراً فَوَجْهَانِ.

قال الرافعي: القصد إلى التراب معتبر، واحتجوا عليه بقّوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا} (٢) أمرنا بالتيمم، والمَسْح، والتيمم هو القصد، فلو وقف في مَهَبِّ الريح فسفت عليه التراب فأمر اليد عليه، نظر إن وقف غيرنا، وثم لما حصل التراب عليه نوى التيمم لم يصح تيممه، وإن وقف قاصداً بوقوفه التيمم حتى أصابه التراب فمسحه بيده، فظاهر نص الشّافعي -رضي الله عنه-، وقول أكثر الأصحاب أنه لا يصح تيممه؛ لأنه لم يقصد التراب، وإنما التراب أتاه.

وعن أبي حامد المروروذي (٣) -قدس الله روحه- أنه لا يصح، كما لو جلس في


(١) سقط في ب.
(٢) سورة المائدة، الآية ٦.
(٣) أحمد بن بشر بن عامر العامري، المروروذي، أبو حامد، أخذ عن أبي إسحاق المروزي، ونزل بالبصرة وأخذ عن فقهائها، وكان إماماً لا يشق له غبارة، شرح (مختصر) المزني، وصنف (الجامع) في المذهب وهو كتاب جليل، وصنف في أصول الفقه، ومات سنة اثنتين وستين =

<<  <  ج: ص:  >  >>