للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَامِناً فَذَاك، وإلا فله فسخ الضمان، وإن فسد فسد به الضمان على أصح الوجهين. والله أعلم.

قال الغزالي: الثَّالِثُ: الرُّجُوعُ وَمَنْ أَدَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَإِذْنِهِ رَجَعَ، وَإِنْ أَدَّى بِالإِذْنِ دُونَ شَرْطِ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ، وَالضَّامِنُ يَرْجِعُ إِنْ ضَمِنَ وَأَدَّى بِالإِذْنِ، وَإِنْ اَسْتَقَلَّ بِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ ضَمِنَ دُونَ الإِذْنِ وَأَدَّى بِالإِذْنِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ، وَإِنْ ضَمِنَ بِالإِذْنِ وَأَدَّى بِغَيْرِ الإِذْنِ عَنْ مُطَالَبَةٍ فَيَرْجِعُ.

قال الرَّافِعِىُّ: الغرض الآن بيان المَوْضع الذي يستحق الضَّامِن الرّجُوع على الأَصِيل بالمَغْرُومِ والذي لا يستحق، وقَدَّم عليه الكلام في أن من أَدَّى دَيْنَ الغَيْرِ من غير ضمان متى يرجع؟ وتفصيله أنه إن أدَّاه بغير إِذْنِ المَدْيُونِ لم يكن له الرّجُوع؛ لأنه مُتَبَرِّع بِمَا فَعَلَ، ويخالف مَا لَوْ أوجر طَعَامَهُ للمضْطَر حيث يَرْجِع عليه، وإن لم يأذن المُضْطَر لأنه ليس متبرعاً، بل يجب عليه إطْعَام المضطر استبقاء لمهجته ويخالف الهبة، فإن في اقتضائها الثَّواب، خلاف يذكر في موضعه, لأن الهِبَةَ متعلقة باختيار المُتَّهِبِ، ولا اختيار للمَدْيُون هاهنا.

وعن مالك يثبت له الرّجُوع، إلا إذا أدى العدو دين العدو، فإنه يتخذه ذريعة إلى إيذائه بالمُطَالَبَةِ، وإن أداه بِإِذْنِ المديون، فَإِنْ جَرَى بينهما شَرْط الرجوع ثَبَتَ الرّجُوع، وإلا فَوَجْهَان:

أحدهما: لا رجوع؛ لأنه لم يوجد منه إلا الإذْن في الأَدَاء، وليس من ضَرُورة الأداء الرّجوع.

وأصحهما: الرجوع؛ بناءً على المُعْتَادِ في مثله من المُعَامَلاَتِ، وأفاد الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هاهنا كلامين:

أحدهما: تقريب هذا الخِلاَف من الخلاف في أن الهبة المُطْلَقة هَلْ تقتضي الثَّوَابَ وترتيبه عليه؟ والحكم بالرجوع أولى من الحُكم بالثواب، ثم لأن الهِبَةَ مصرحة بالتبرع والأداء خلافه، ولأن الواهب مبتدئ بالتبرع، والأداء هاهنا مستوف بالاستدعاء الذي هو كالقرينة المشعرة بالرّجوع.

والثاني: أن في الهِبَةِ فَارقاً بين أن يكون الوَاهِبِ ممن يطمع مثله في ثَوابِ مثل الملتهب أو لا يكون، فيخرج وَجْةٌ ثالث مثله هاهنا.

وأما الضَّامِن فله أربعة أحوال:

أولها: أن يضمن بإذن الأَصِيل ويؤدي بِإِذْنِهِ، فيرجع عليه لأنه صَرْفُ مَاله إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>