والثالث: وهو الذي ذكره أبو إسحاق أنه إن أدى من غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أو عن مُطَالبه ولكن أمكنه مراجعة الأَصِيل واستئذانه فلم يفعل، لمي ثبت له الرجوع؛ لأنه لم يكن مضطراً إلى الأَدَاء، وإن لم يمكن مراجعته لكونه غائباً أو محبوساً، فله الرجوع.
وأما ما ذكره في الكتاب: أنه إن كان الأداء عن مطالبته فيرجع، فإن ابتدأ فوجهان، فإن فقهه ما ذكرناه في الوَجْهِ الثالث إلا أنه رَأَى الرّجُوعَ فيما إذا كان الأداء عن مُطَالَبَةٍ كالظاهر المَقْطُوع به، وتخصيص ذكر الخِلاَف بما إذا ابتدأ بالأداء.
واعلم أن الفرق غير منوط بمجرد كونه مطالباً أو مبتدئاً، بل المطالب الذي يحضر في المُرَاجعة كالمبتدئ على ما سبق، فليضم في قوله:(عن مطالبة العبد المحتاج إليه).
فرع: حوالة الضَّامن رَبّ الدَّيْنِ على إنسان، وقبوله حوالة رَبّ الدَّيْنِ عليه ومصالحتهما عن الدَّيْن على عوض، وصيرورة الدَّيْنِ ميراثاً للضَّامِن، كالأداء في ثبوت الرّجوع وعدمه.
قال الرَّافِعِيُّ: قد بان في الفَصْل السابق مَوْضِع أصل الرّجُوع والنظر بعده فيما يرجع به، فإن كان ما دفعه إلى رَبِّ الدَّيْنِ من جِنْسِ الدَّيْنِ، وعلى صفتِه فَرَجَعَ به، وإن اختلف الجنس، فالكلام في المَأْذون في الأَداء من غير ضَمَان ثم في الضامن أما الأول فالمأذون بِشَرْطِ الرجوع أو دونه إذا أثبتنا له الرُّجُوع لو صالح رَبّ المال على غير جِنْسِهِ فهل له الرجوع أو لا؟ فيه ثلاثة أوجه:
أصحها: نعم؛ لأن مقصوده أن يبرئ ذِمَّته، وقد فَعَل.
وثانيها: لا؛ لأنه إنما أذن في الأداء دون المُصَالَحَةِ.
وثالثها: الفرق بين أن يقول: أَدّ ما عليّ من الدَّنَانِير مثلاً فلا يرجع، وبين أن يقتصر على قوله: أد دَيْنِي، أو ما عليّ فيرجع. فإن قلنا بالرّجوع فيما يرجع حُكْمُه؟ ما يذكر في الضامن.
أما الضَّامِن، فلو صَالَحَ على غير الجِنْسِ يرجع بِلاَ خِلاَف؛ لأن بالضَّمَانِ ثبت الحَقّ في ذِمَّتِهِ ثبوته في ذِمَّة الأَصِيلِ، والمصالحة معاملة منية عليه بِخِلاَفِ المأذون مِنْ