المَالِ فهو فَاسِد، وكذا لو شَرَطَا التفاوت في الرِّبْحِ مع التساوي في المَالِ، نعم، لو اختص أحدهما بمزيد عَمَلٍ، وشرط له مزيد ربح، ففيه وجهان:
أحدهما: صحة الشركة، ويكون القدر الذي يناسب مِلْكه له بِحَقِّ المِلْك، والزائد يَقَعْ في مقابلة العَمَل، ويتركب العَقْد من الشَّرِكة والقَرَاضِ.
وأصحهما: المنع، كما لو شَرَطَا التفاوت في الخُسْرَانِ، فإنه يَلْغُو ويتوزع الخُسْران على المَالِ، ولا يمكن جعله شركة وقراضاً، فإن العَمَلَ في القَرَاضِ بيع مختصٌ بِمَالِ المَالِكِ، وهاهنا يتعلق بِمْلكِهِ وملك صاحبه. وعند أبي حنيفة -رضي الله عنه- يجوز تغيير نسبة الربح بالشَّرطِ، ويكون الشَّرْطُ متبعاً.
لنا القياس: على طرود الخُسْرَان، فإنه يسلم توزيعه على قَدْرِ المَالَيْنِ وإن شرط خِلاَفه، وإذا فَسد لم يؤثر ذَلِك في فَسَادِ التصرفات لوجود الإذن، ويكون الربح على نِسْبَةِ المَالَيْنِ، ويرجع كُلُّ وَاحِدٍ منهما على صَاحِبِهِ بأجرة مِثْلِ عَمَلِهِ في ماله، على ما ذكره في الكتاب، وتفصيله أنهما إما أن يكونا متساويين في المَالَيْنِ أو متفاوتين، إن تساويَا فإما أن يتساويَا في العَمَلِ أيضاً، أو يتفاوتا فإن تساويا في العمل أيضاً فنصف عمل كل واحد منهما يقع في مَالِهِ، فلا يستحق به أُجْرة، والنَّصْف الآخر الواقع في مَالِ صاحبه يستحق عليه مِثْل بدله عليه فيقع في التقاص، وإن تفاوتا في العَمَلِ بأن كان عمل أحدهما يساوي مِائَة، وعمل الآخر مائتين، فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر، فنصف عمله مائة، ونصف عَمَل صَاحِبِه خَمْسُون، فبقي له خمسون بعد التَّقَاص، وإن كان عَمَلُ صَاحِبِهِ أكثر، ففي رُجوعِهِ بِالخَمْسِينَ على المشروط له الزِّيَادَةِ وجهان:
أحدهما: الرجوع، وهو ظاهر ما أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، كما لو أفسد القَرَاض فيستحق العَامِلُ أجرةَ المِثْلِ.
وأصحهما: المنع، ويحكى عَنْ أَبِي حنيفة -رحمه الله- لأنه عمل وجد من أحد الشريكين لم يشترط عليه عوض، والعَمَل في الشَّرِكة لا يقابله عِوَض، بدليل ما إذا كانت الشَّرِكَةُ صَحِيحةً، فزاد عَمَل أحدهما فإنه لا يستحق على الآخر شيئاً، ويجري الوَجْهَان فيما إذا فسدت الشَّركة واختص أحدهما بأصْلِ التصرف والعَمَلِ، هل يرجع بنصف أجرة عَمَلِهِ على الآخر؟
وأما إذا تفاوتا في المَالِ بأن كان لِأَحَدِهِمَا ألف ولآخر ألفان، فإما أن يتفاوتَا في العَمَلِ أيضاً أو يتساويا، فإن تفاوتا بِأن كان عَمَلُ صَاحِب الأكثر أكثر، بان كان عَمَلُه يساوي مِائَتَيْنِ، وعمل الاَخَرِ مِائَة، فثلثا عَمَلِهِ فِي مَالِهِ، وَثلثه في مَالِ صَاحِبِهِ، وعمل صَاحِبِهِ على العَكْسِ، فيكون لِصَاحِب الأكثر ثلث المائتين على صَاحِب الأقَل، ولصاحب الأقل ثلث المائة على صَاحِب الأكثر، وقدرهما واحد، فيقع في التّقاص،