للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو تنازع الموكل وزيد، فالقول قول زيد مع يمينه (١).

ولو دفع عشرة إلى رجل، وقال: تصدق بها على الفقراء، فتصدق بها، ونوى نفسه لغت نيته، وكانت الصدقة للآمر.

ولو وكل عبداً ليشتري له نفسه، أو مولى آخر من سيده.

ففي وجه: لا يجوز؛ لأن يده يد السيد، فأشبه مالوا وكل إنساناً ليشتري له من نفسه والأظهر الجواز، كما يجوز توكيله في الشراء من غير سيده، وعلى هذا فعن صاحب "التقريب" أنه يجب أن يصرح بذكر الموكل، فيقول: اشتريت نفسي منك لموكلي فلان، وإلا فقوله: اشتريت نفسي -صريح في اقتضاء العتق لا يندفع بمجرد النية. ولو قال العبد لرجل: اشتر لي نفسي من سيدي، ففعل.

قال صاحب "التقريب": يجوز، ويشترط التصريح بالإضافة إلى العبد، فلو أطلق وقع الشراء للوكيل؛ إذ البائع لا يرضى بعقد يتضمن الإعتاق قبل توفير الثمن.

ولو قال لغيره: أسلم لي في كذا وأدِّ رأس المال من مالك، ثم ارجع عليَّ.

قال ابْنُ سُريْجٍ: يصح، ويكون رأس المال قرضاً على الآمر، وقيل: لا يصح؛ لأن الإقراض لا يتم إلاَّ بالإقباض ولم يوجد من المستقرض قبض (٢).

وإذا أبرأ وكيل المسلم المسلم إليه لم يلزم إبراؤه الموكل، لكن المسلم إليه لو قال: لا أعرفك وكيلاً، وإنما التزمت لك شيئاً فأبرأتني عنه نفذ في الظاهر، وتعطل بفعله حق المسلم، وفي وجوب الضمان عليه قولاً الغرم بالحيلولة.

والأظهر: وجوبه، لكن لا يغرم مثل المسلم فيه، ولا قيمته كيلا يكون اعتياضاً عن المسلم، وإنما يغرم له رأس المال وحكاه الإمام عن العراقيين، وشهد له الحَسَنُ، ورأيت في "تعليق الشيخ أَبي حَامِدٍ" أنه يغرم للموكل مثل المسلم فيه.

ولو قال: اشتر لي طعاماً بكذا، نص الشَّافعي -رضي الله عنه- أن يحمل على الحنطة اعتباراً بعرفهم.

قال القاضي الروياني: وعلى هذا لو كان "طبوستان" لم يجز التوكيل؛ لأنه لا عرف فيه لهذا اللفظ عندهم، فيكون التوكيل في مجهول.


(١) قال النووي: المختار في هذه الصورة، أنه عند الإطلاق إقباض بوكالة عمرو. ينظر الروضة ٣/ ٥٦٣.
(٢) قال النووي: الأصح عند الشيخ أبي حامد وصاحب "العدة": أنه لا يصح.
قال الشيخ أبو حامد: هذا الذي قاله أبو العباس سهو منه. قال: وقد نص الشَّافعي -رضي الله عنه- في كتاب الصرف، أن ذلك لا يجوز. ينظر الروضة ٣/ ٥٦٣، ٥٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>