لو كذبه، ولم تكن بينة هل له تحليفه؟ إن ألزمناه الدفع إليه له تحليفه، وإلا فكما سبق.
ولو قال: مات فلان، وله عندي كذا فهذا وصية، فهو كما لو قال هذا وارثه، ولو قال: مات، وقد أوصى به لهذا الرجل، فهو كما لو قال، أقر بالحوالة، وإذا أوجبنا الدفع إلى الوارث والوصي، أو لم نوجب فدفع، ثم بَانَ أن المالك حي ثُم غرم الدافع، فله الرجوع على المدفوع إليه، بخلاف صورة الوكالة؛ لأنه صدقه على الوكالة، وإنكار صاحب الحق لا يرفع بتصديقه، وصدق الوكيل لاحتمال أنه وكله، ثم جحد، وهل هنا بخلافه؟ والحوالة في ذلك كالوكالة. وقوله في الكتاب:"ولمن عليه الحق أن لا يسلم إلى وكيل المستحق له إلاَّ بالإشهاد". كان الأحسن أن يقول: إلى من يدعي الوكالة عن المستحق، ولفظ الإشهاد هاهنا بعيد عما هو المراد إن أراد به البينة؛ لأن المفهوم من الإشهاد ما استعمل اللفظ له في المسائل قبل هذا الفصل، ويمكن أن يراد إشهاد الوكيل على الموكل.
قوله: "وإن اعترف به معلم -بالواو لما نقلناه من طريقة القولين، والحالان عند أبي حنيفة يجب دفع الدين إلى من أقر بوكالته، ولا يجب دفع العين، وفرق بينهما بأنه في الدَّين أقر بثبوت المطالبة لمدعي الوكالة في ماله، وفي العَيْنِ يقر بمال الغير، فلا يلتفت إليه وبالزاي؛ لأن أَبَا إسْحَاقَ الشِّيْرَازِيَّ وغيره حكموا عن المُزَنِيِّ أنه يلزمه تسليم الحق إليه، ولم يفرقوا بين الدَّين والعين.
وقوله في مسألة الوارث:(لزمه التسليم) معلم -بالواو- لما مَرَّ والله أعلم.
قال الرافعي: إذا ادعى على إنسان أنه دفع إليه متاعًا ليبيعه، ويقبض ثمنه وطالبه برده، أو قال: بعته وقبضت الثمن، فسلمه إلى، فأنكر المدعى عليه، فأقام المدعي بينه على ما ادعاه فادعى المدعى عليه إن كان قد تلف أورده، فينظر في ضيغة جحوده، إن قال: مالك عندي شيء أو لا يلزمني تسليم شيء إليك قبل قوله في الرد والتلف؛ لأنه إذا كان قد تلف أورده كان صادقًا في إنكاره، ولم يكن بين كلاميه، تناقض، وإن أقام عليه بينة سمعت بينته وإن كان صيغة جحوده أنك ما وكلتني، أو ما دفعت إلى شيئاً، أو ما قبضت الثمن، وهذه صورة مسألة الكتاب، فينظر أن ادعى التلف، أو الرد قبل أن يجحد لم يصدق؛ لأنه مناقض لقوله الأول، ولزمه الضمان، وإن أقام بينة على ما ادعاه، فوجهان: