وأصحهما: أنه لا يقبل، كما لو أقر بمال، ويتعلق الضمان بذمته إلَّا أن يصدقَ السيد، فيقبل، وإن كان المقر بسرقته باقيًا، نظر إن كان في يد السيد لم ينزع من يده إلاَّ بتصديقه، كما لو أقر حُرُّ بسرقته، ودفعه إليه، وإن كان في يد العبد، فطريقان عن ابْنِ سُرَيْجٍ أن في انتزاعه القولين في التالف.
فإن قلنا: لا تنزع ثبت بدله في ذمته.
ويروى هذا عن أبي حَنِيْفَةَ رحمه الله تعالى ومالك رحمه الله تعالى ويروى عنهما أنه لا يوجب القطع أيضاً، والحالة هذه.
ومن الأصحاب مَنْ قطع بنفي القبول في المال، كما لو كان في يد السيد؛ لأن يده يد السيد، ويخالف ما لو كان تالفًا؛ لأن غاية ما في الباب ذوات رقبته على السيد، إذا بيع في الضمان، والأعيان التي تفوت عليه لو قبلنا إقراره فيها لا ينضبط، فيعظم ضرر السيد، ومنهم من عكس، وقال: إنْ كان المال باقياً في يد العبد قبل إقراره، بناء على ظاهر اليد، وإن كان تالفًا لم يقبل؛ لأن الضمان حينئذ يتعلّق بالرقبة، وهو محكوم بها للسيد.
وإذا اختصرت قلت في قبول إقراره بالمال أربعة أقوال:
يقبل مطلقاً، لا يقبل مطلقاً، يقبل إذا كان المال باقيًا، يقبل إذا كان المال تالفًا، وقد أوردها صاحب الكتاب مجموعة هكذا في السرقة، واقتصر هاهنا على القولين الأولين. ولو أقر، ثم رجع عن الإقرار كان كما لو أقر بسرقة لا توجب القطع، ولو أقر بالقصاص على نفسه فعفا المستحق على مال، أو عفا مطلقاً، وقلنا: إنه يوجب المال، فوجهان:
أصحهما: عند صاحب "التهذيب": أنه يتعلق برقبته، وإن كذبه السيد؛ لأنه إنما إقر بالعقوبة، والمال يؤخذ بالعفو، ولا ينظر احتمال أنه واطأه المستحق على أن يقر، ويعفو المستحق لتفوت الرقبة على السيد؛ لأن هذه التهمة ضعيفة؛ إذ المستحق ربما يموت أو لا يفي، فيكون المقر مخاطرًا بنفسه.
والثاني: أن الجواب هكذا إن قلنا: موجب العمد القصاص.
أما إذا قلنا: موجبه أحد الأمرين، ففي ثبوت المال قولان، بناء على الخلاف في ثبوت المال، إذا أقر بالسرقة الموجبة للقطع، وينسب هذا إلى صاحب "الإفصاح".
وأما القسم الثاني: فإذا أقر بدين خيانة من جهة غَصْبٍ، أو سرقة لا توجب القطع، أو إتلاف هنا فصدقه السيد تعلّق برقبته، كما لو قامت عليه بينه، فيباع فيه إلاَّ أن يختار السيد الفداء، وإذا بيع فيه، وبقي شيء من الدَّين، فهل يتبع به إذا عتق؟