للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِرْهَمَانِ (ح) (وَالثَّاني): أَنَّهُ دِرْهَمٌ (ح و) وَاحِدٌ، وَهَذَا في قَوْلِهِ: دِرْهَمًا بالنَّصْبِ، وَفي قَوْلهِ: دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ الأَصَحُّ أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ.

قال الرافعي: إذا قال: لفلان عليَّ كذا، فهو كما قال: شيء، ويقبل تفسيره بما يقبل به تفسير الشيء، ولو قال: كذا كذا، فهو كما لو قال: كذا، والتكرار للتأكيد، لا للتجديد، ولو قال: كذا وكذا، فعليه التفسير بشيئين مختلفين، أو متفقين، يقبل كل واحد منهما في تفسير "كذا"، من غير عطف، وكذا الحكم فيما لو قال: عليَّ شيء شي أو شيء شيء، ولو قال: عليَّ كذا درهمًا، يلزمه درهم واحد، وكان الدرهم تفسيرًا لما أبهم. وفي "النهاية" أن عند أبي حنيفة -رحمه الله- يلزمه عشرون، لأنه أول اسم مفرد ينتصب الدرهم المفسر عقبه، وأن أَبَا إِسْحَاَق الَمْروزِيَّ وافقه فيما إذا كان المقر عارفًا بالعربية.

وأجاب الأصحاب في أن تفسير الألفاظ المبهمة لا ينظر إلى الإعراب ولا توازن المبهمات بالمبينات، بدليل أنه لو قال: عليَّ كذا درهم صحيح، لا يلزمه مائة درهم بالإتفاق (١)، وإن كانت الموازنه المذكورة تقتضى لزوم مائة، والتقييد بالصحيح لئلا يحمل على نصف درهم، أو ثلث درهم، لكن نقل البندنيجي أن الطَّحَاوِيَّ حكى عن بعض أصحاب أبي حنيفة (٢) أنه يلزمه مائة درهم، والمشهور أنه لا يلزمه إلاَّ درهم واحد، كما هو قولنا، ولو قال: كذا درهم من غير صفة الصحة، فكذلك.

وفيه وجه: أنه يلزم بعض درهم، وهو اختيار ابْنِ الصَّبَّاغِ ولو قال: كذا درهم بالرفع، فلا خلاف أنه يلزمه درهم واحد، ولو قال: كذا درهم، ووقف، كما لو


(١) أي منا ومن أبي حنيفة.
(٢) وهو محمد بن الحسن -رحمه الله- تعالى.
وعن أبي علي الفارسي أنه سئل عن هذه المسألة فقال: إنما لم يلزمه المائة لأن الجر، والحالة هذه خطأ لأن إذا تمنع من الإضافة لأنه اسم إشارة، وأسماء الإشارة لا تضاف فكهذا لم يلزمه أبو حنيفة في هذه الصورة المائة. قال في الخادم: واستحسنه جماعة من الفضلاء وهو مردود بوجهين.
أحدهما: أن أسماء الإشارة وإن كانت لا تضاف لكن ذا لما تركبت مع الكاف تغير حكمه، فإن التركيب يغير الحكم ألا ترى أن الكاف المركبة مع ذا كانت أولاً للتشبيه، وكانت تحتاج إلى ما تتعلق به، وبعد التركيب بطل الشبيه، واستغنت عن التعليق بشيء، فلا يلزم من ثبوت الحكم للشيء حالة الإفراد ثبوته حالة التركيب.
الثاني: إذا جوزنا إضافة العلم مع تنكير، فينبغي أن يأتي ذلك في اسم الإشارة. وقال ابن أبي عصرون: لا يمكن الجر بالكاف للفصل باسم الإشارة بينها وبينه، ولا بالإضافة إليه؛ لأن اسم الإشارة لا يضاف ونقله عن الفارسي أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>