للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس، ولا نظر إلى قيمته خلافًا لمالك رحمه الله، حيث قال: لو كان العبد يساوي ألفين، وقد زعم أنه وزن ألفين، والمقر له ألفًا يكون العبد بينهما بالسوية، ولا يقبل قوله: إني وزنت ألفين في ثلثه، وقد يعبر عن مذهبه بأن المقر له من العبد ما يساوي ألفًا وإن قال: اشتريناه دفعتين، ووزن في شراء عشرة مثلاً ألفًا وأنا اشتريت تسعة أعشاره بألف قُبل؛ لأنه يحتمل، ولو قال: أردت به أنه أوصي له بألف من ثمنه قُبِلَ البيع ودفع إليه ألف من ثمنه، وليس له دفع الألف من ماله، وإن فسرنا به دفع إليه الألف ليشتري له العبد، ففعل فإن صدقه المقر له، فالعبد له، وإن كذبه فقد رد إقراره بالعبد، وعليه رد الألف الذي أخذه، وإن قال: أردت أنه أقرضه ألفًا فصرفته إلى ثمنه قُبِلَ، ولزمه الألف، وتوجيه الخلاف المذكور فيما إذا فسره بالرهن يقتضى عوده هاهنا، ولو قال: له عليَّ من هذا العبد ألف درهم، فهو كما لو قال: في هذا العبد، ولو قال: من ثمن هذا العبد (ألف درهم) فكذلك ذكره في "التهذيب"، ولو قال: عليَّ درهم في دينار، فهو كما قال: ألف في هذا العبد فإن أراد النفي معه لزماه.

قال الغزالي: وَلَوْ قَالَ: لَهُ في هَذَا المَالِ أَلْفٌ أَوْ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ لَزِمَهُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ في مَالِي أَلْفٌ أَوْ في مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ لَمْ يَلزَمْهُ لِلتَّنَاقُضِ.

قال الرافعي: قال الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- في "المختصر": لو قال: له في ميراث أبي ألف درهم كان إقرارًا منه على أبيه بدين، ولو قال له في ميراثي من أبي ألف درهم كانت هبة إلاَّ أن يريد إقرارًا، وما الفرق قيل: الفرق إنه في الصورة الثانية أضاف الميراث إلى نفسه، وما يكون له لا يصير لغيره بالإقرار فكان كما لو قال: داري أو مالي لفلان، وفي الأولى لم يضف الميراث إلى نفسه، فكان مقرًا بتعلق الألف بالتركة، وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله: للتناقض، ولك أن تمنع التناقض بين إضافة الميراث إلى نفسه، وبين تعلق دين الغير به، فإن تركة كل مديون مملوكة لورثته على الصحيح، والدَّين يتعلق بها.

وقال الأكثرون: الفرق أنه إذا قال: في ميراث أبي، فقد أثبت حق المقر له في التركة، وذلك لا يحتمل إلاَّ شيئًا واجبًا، فإن التبرعات التي لا تلزم ترتفع بالموت، ولا تتعلق بالتركة.

وإذا قال: في ميراثي من أبي، فقد أضاف التركة إلى نفسه، ثم جعل للمقر شيئًا، منهما وأضافة إليه، وذلك قد يكون بطريق لازم، وقد يكون بطريق التبرع. وإذا فسر بالتبرع قُبِلَ، واعتبر فيه شرطه.

وعن صاحب "التقريب" الإشارة إلى التسويه بين الصورتين، كأنه نقل وخرج، فإن كان كذلك جاز إعلام قوله في الكتاب: "أو في ميراث أبي ألف -بالواو- والمذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>