للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى عليك مما ذكرنا حاجة قوله في الكتاب "لم يلزمه للتناقض" إلى الاعلام -بالواو- وحيث قلنا في هذه الصورة: إنه وعد هبة، لا إقرار، فذلك لم يذكر كلمة "التزام".

فأما إذا ذكر بأن يقول: عليّ ألف درهم في هذا المال، أو في مالي أو في ميراث أبي، أو في ميراثي [أو داري أو عبدي أو في هذا العبد فهو إقرار بكل حال، ولو قال: له في ميراثي (١)] عن أبي أو في مالي كذا بحق لزمني، أو بحق ثابت؛ وما أشبهه، فهو كما لو قال: عليَّ فيكون إقرارًا بكل حال، ذكره ابن القاصَّ والشيخ أبو حامد وغيرهما.

واعلم أن قضية قولنا: إن قوله عليَّ في هذا المال، أو في هذا العبد ألف درهم إقرارًا له بالألف، وإن لم يبلغ ذلك المال ألفًا. وربما يخطر ذلك الخلاف المذكور، فيما إذا قال: لفلان على ألف في هذا الكيس، وكان فيه دون الألف، إلا أن ظرفية العبد للدراهم ليست كظرفية الكيس لها، فيمكن أن يختلفا في الحكم، لكن لو قال: في هذا العبد ألف درهم من غير كلمة "عليَّ"، وفسره بأنه أوصى له بألف من ثمنه، فلم يبلغ ثمنه ألفًا، فلا ينبغي أن يجب عليه تتمة الألف بحال والله أعلم بالصواب.

قال الغزالي: (السَّادِسُ) إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَمْ يَلْزَمُهُ إلاَّ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لاِحْتِمَالِ التَّكْرَارِ وَلَو قَالَ: دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوَ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ لامْتِنَاعِ التَّكْرَارِ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ تَحْتَ دِرْهَمٌ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ لا يَلْزَمُهُ إِلاَّ وَاحِدٌ تَقْدِيرُهُ مَعَ دِرْهِمٌ لِي بِخِلافِ نَظِيرِهِ مِنَ الطَّلاقِ، لَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ إِذِ التَّقَدُّم وَالتأخرُ لا يُحْتَمَلُ إِلاَّ في الوُجُوبِ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ ودِرْهَمٌ وقَالَ: أَرَدَتُّ بِالثَّالِثِ تَكْرَارَ الثَّاني قُبِلَ، وَلَوْ قَالَ: أَردتُّ بالثَّالِثِ تَكْرَارَ الأَوَّلَ لَمْ يُقْبَلْ لِتَخَلُّل الفَاصِلِ، وَكَذَا في قَوْلِهِ: طَالِقٌ وطَالِقٌ وطَالِقٌ، فإِذَا أطلق ففي الطَّلَاقَ قَوْلاَنِ: (أَحَدَهُمَا): يَلْزمَهُ ثَلاثَةٌ لِصُورَةِ اللَّفْظِ. (وَالثَّانِي): ثِنْنَانِ لِجَرْيِ العَادَةِ في التِّكْرَارِ، والأَظْهَرُ في الإِقْرَار أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الإِطْلاقِ ثَلاثَةٌ لأنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ قَبُولِ التأَكِيدِ اعْتِيادًا، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ قَالَ: أنتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ يَقَعُ طَلْقَتَانِ، وتَقْدِيرُ الإِقْرَارِ فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ، وَقِيلَ بِتَخْرِيجٍ فِيهِ مِنَ الطَّلاَقِ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ فَدِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارَانِ فَدِرْهَمٌ ودِينَارَانِ، إِذْ إِعَادَةُ الدرهمِ في الدِّينَارِ غَيْرُ مُمْكِن.

قال الرافعي: في الفصل صور نذكرها مع ما يناسبها، وإن احتجنا إلى تقديم وتأخير، فعلناه.


(١) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>