[ويجري الطريقان فيما إذا قال: لفلان على ألف أبرأني عنه، ولو ادعى عليه ألفًا، فقال: قد قضيته، فالمشهور ما ذكرناه في الباب الأول، وهو أنه إقرار](١) وجعله أَبُو عَلِيُّ البندنيجي بمثابة ما لو قال: عليّ ألف قضيته.
ومنها: إذا قال: عليَّ ألف إن شاء الله، فالصحيح أنه لا يلزمه شيء؛ لأنه لم يلزم بالإقرار، وقد علقه على المشيئة، وهي غيب عنا، وأيضًا فإن الإقرار إخبار عن واجب سابق، والوقع لا يتعلق بالغير.
وعنِ صاحب "التقريب" أن من الأصحاب من جعله على الخلاف فيما إذا قال: من ثمن خَمْرٍ؛ لأنه لو اقتصر على أول الكلام لكان إقرارًا جازمًا، ولو خرجوا طريقًا آخر جازمًا باللزوم لكان قريبًا، بناء على أن تعليق السابق لا ينتظم وبهذا قال أحمد.
ولو قال: عليَّ ألف إن شئت، أو شاء فلان، فالمشهور بطلان الإقرار، وقال الإمام رحمه الله: الوجه تخريجه على القولين؛ لأنه نفي بآخر كلامه مقتضى أوله، قال: وليس ذلك، كقوله: إن شاء الله فإنه يجري في الكلام كالتردد بخلاف التعلق بمشيئة غيره، ووجهه بعضهم للمذهب المشهور في قوله إن شاء الله وإن شاء زيد، فإن مثل هذا الكلام يطلق للالتزام في المستقبل، ألا ترى أنه لو قال: لك عليَّ كذا إن رددت عبدي الآبق، كان ذلك التزاما في المستقبل، ولو قال: عليَّ ألف إذا جاء رأس الشهر، أو إذا قدم فلان، أطلق مطلقون أنه لا يكون إقرارًا، لأن الشرط لا أثر له في إيجاب المال، والواقع لا يعلق بالشرط.
وذكر الإمام رحمه الله، وغيره: أنه على القولين؛ لأن صدر الكلام صيغة التزام، والتعليق يرفع حكمه ويمكن أن يكون إطلاق من أطلق اقتصارًا على الأظهر من القولين في المسألة، وهذا إذا أطلق، وقال: قصدت التعليق.
أما إذا قال: قصدت به كونه مؤجلاً إلى رأس الشهر، فسيأتي، ولو قدم التعليق، فقال: إن جاء رأس الشهر، فعليَّ ألف لم يلزمه شيء؛ لأنه لم توجد صيغة التزام جازمه؛ نعم لو قال: أردت به التأجيل برأس الشهر قبل وفي "التتمة" حكايته وجه أن مطلقه يحمل على التأجيل برأس الشهر وبهذا أجاب فيما إذا آخر صيغة التعليق، فقال: عليَّ ألف إذا جاء رأس الشهر، ولم يذكر غيره، فيجوز أن يعلم لذلك قوله في الكتاب:"لم يلزمه أصلاً" -بالواو- قوله في الصورة الأولى، "فهو على قولين أيضًا"، ولعلك تقول: ما حكيت في صورة التَّعْلِيْق أفهمني أن الظَّاهر مذهب بطلان الإقرار فيما إذا قال: من ثمن الخمر والخنزير، أن الأصح عند العراقيين وغيرهم لزوم ما أقر به، فهل