ينفرد، ويحكم بثبوت النسب في الحال، وربما يوجه بأن أمر النسب خطر، فالظاهر من حال كامل الحال من الورثة أن يعتني به، ولا يجازف فيه، وعلى الأول ينتظر بلوغ الصبي، فإِذا بلغ الصبي، ووافق البالغ ثبت النسب حينئذ، فإن مات قبل البلوغ، نظر إن لم يخلف سوى المقر ثبت النسب، وإن لم يجدد إقراره، وإن خلف ورثة سواه اعتبر موافقتهم، إن كان أحد الوارثين مجنونًا، فهو كما لو كان أحدهما صبيًا، ولو خلف بالغين عاقلين، وأقر أحدهما وأنكر الآخر، ثم مات، ولم يخلف إلاَّ أخاه المقر، فأظهر الوجهين أنه يثبت النسب،؛ لأن جميع الميراث قد صار له.
وثانيهما: المنع؛ لأن إقرار الفرع مسبوق بإنكار الأصل، ويجري الخلاف فيما إذا أخلف المنكر وارثًا، فأقر ذلك الوارث.
والوجهان عند القاضي الحُسَيْنِ مبنيان على الوجيهن في اسْتِلْحَاق من نفاه المورث، ولو أقر أحد الاثنين، وسكت الآخر، ثم مات الساكت، وابنه مقر ثبت النسب لا محالة؛ لأن إقراره غير مسبوق بتكذيب الأصل.
الخامسة: لو أقر الوارث المستغرق بإخوة مجهول،. فأنكر المجهول نسب المعروف لم يتأثر بقوله النسب المشهور.
وفيه وجه: أن المقر يحتاج إلى البينة على نسبة لاعترافه بنسب المجهول، وإنكاره إياه، والمذهب الأول، وفي ثبوت نسب المجهول وجهان:
وجه المنع: أن المقر ليس بوارث بزعمه.
والثاني وهو الأصحه: أنه يثبت لحكمنا بأنه وارث حائز ولو أقر بإخوة مجهول، ثم إنهما أقرا بنسب ثالث، وأنكر الثالث نسب الثاني، ففي سقوط نسب الثاني وجهان:
أصحهما: السقوط؛ لأنه ثبت بنسب الثالث، فاعتبر موافقته لثبوت نسب الثاني، ولو أقر بإخوة مجهولين، فصدق كل واحد منهما الآخر ثبت نسبهما، وإن كذب كل واحد منهما الآخر، فوجهان:
أصحهما: ثبوت النسب لوجود الإقرار ممن يحوز التركه، فإن صدق أحدهما، وكذبه الآخر ثبت نسب المصدق دون المكذب، هذا إذا لم يكن المجهولان توأمين، فإن كانا توأمين، فلا أثر لتكذيب أحدهما الآخر، فإذا أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب كليهما.
السادسة: إذا أقر بنسب من يحجب المقر، كما إذا مات عن أخ، أو عم، فأقر بابن للميت، فأحد الوجهين: أنه لا يثبت نسبه؛ لأنه لو ثبت لورث، ولو ورث لحجب المقر، وإذا حجب خرج عن الأهلية للإقرار، وإذا بطل الإقرار بطل النسب.