للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لالزمناه ظهرين. وقد روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ ظُهْرَانِ فِي يَوْمٍ" (١) نعم، يستحب ذلك لحرمة الوقت، والجديد: الصحيح أنه تجب عليه الصلاة في الوقت، لأنه استطاع الإتيان بأفعال الصَّلاة، وإن عجز عن الطَّهارة. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعتُمْ" (٢)، وصار كما إذا عجز عن ستر العُوْرَة، لا يترك الصَّلاة بسببه.

ومنهم من نقل القول القديم في الحرمة. وقال: يحرم عليه أن يصلي كالحائض، وبه قال أبو حنيفة، وإذا صلّى في الوقت امْتِثَالاً لما أمرناه به وجوباً، أو ندياً فظاهر المذهب وجوب الإعادة؛ لأن هذا عذر نادر لا دوام له.

وحكى بعض الأصحاب فيه قولين، وهذا العادم وإن أمر بالصلاة، والحالة هذه لا يجوز له حمل المصحف، وقراءة القرآن إن كان جنبًا، وإن كانت حائضًا فليس للزَّوج غِشْيَانُهَا، ولو قدر على أحد الطّهورين في خلال الصَّلاة بطلت صلاته.

ومنها المربوط على الخشبة، ومن شد وثاقه على الأرض يُصَلِّي على حسب حاله بالإِيمَاءِ، ثم يعيد لأنه عذر نادر، بخلاف المريض يصلي بالإِيماء، ولا يعيد؛ لأن عذر المَرض يعم. وقال الصيدلاني: إن كان مستقبل القِبْلَة فلا إعادة عليه، كالمريض يصلي بالإيماء وعلى جنب، وإن لم يكن يلزمه الإعادة قال: وكذا الغريق يتعلق بعُودٍ، ويصلي بالإيماء، ويعيد إذا كان إلى غير القبلة، وذكر في "التهذيب" نحواً من هذا في مسألة الغريق (٣) فقال: لا يعيد ما صلى إلى القبلة بالايماء، وما صلى إلى غير القبلة فيه قولان:

أحدهما: لا يعيد أيضاً، كما لو صلى بالإيماء إلى القبلة.

وأصحهما: أنه يعيد بخلاف ما لو صلى بالإيماء، لأن حكم الإيماء أخفُّ، من ترك القبلة، ألا ترى أن المريض يصلي بالإيماء ولا يعيد، وإذا لم يجد من يُحَوِّلُه إلى القبلة يصلي إلى غيرها ويعيد. أما مسألة المربوط فلم يذكر فيها هذا التَّفصيل، وحكم بوجوب الإعادة، وبه قال إمام الحرمين -قدس الله روحه-. ومنها: إذا كان على بَدَنِهِ


(١) أخرجه أبو داود (٥٧٩) والنسائي (٢/ ١١٤) وأحمد في المسند (٤٦٨٩) وابن خريمة (١٦٤١) وابن حبان في الموارد (٤٣٢) قال الحافظ: لم أره بهذا الفظ، لكن روى الدارقطني من حديث ابن عمر رفعه: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين، وأصله عند أحمد وأبو داود، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، وصححه ابن السكن، وهو محمول على إعادتها منفرداً، أما إن كان صلى منفرداً، ثم أدرك جماعة، فإنه يعيد معهم، وكذا إذا كان إمام قوم فصلى مع قوم آخرين، ثم جاء فصلى بقومه، كقصة معاذ. انظر التلخيص (١/ ١٥٦).
(٢) أخرجه البخاري (٧٢٨٨) ومسلم (١٣٣٧).
(٣) في (ط) المريض.

<<  <  ج: ص:  >  >>