مثلية لما يقع في الصّحَاح عن اختلاف في الوزن، وفي الاستدارة والاعوجاج، وفي وضوح السكّة، وخفائها، وذلك ما يؤثر في المنفعة والقيمة، والنظر إلى الجِرْمِ بعيد؛ لأن الحبوب والتمور متماثلة.
ومعلوم أن نوعاً منها لا يخلو عن اختلاف الحبات في الصغر والكبر، فإذا أظهر العبارات الثانية لكن الأحسن أن يقال: المثلى كل ما يحصره الكيل، أو الوزن، ويجوز السلم فيه، ولا يقال: كل مكيل أو موزون؛ لأن المفهوم منهما ما يعتاد كيله ووزنه، فيخرج منه الماء وكذا التراب وهو مثلي على الأصح، هذا ما يتعلق بالضبط، وينشأ من اختلاف العبارات الخلاف في الصفر والنحاس والحديد والآنك؛ لأن أجزاءها مختلفة الجوهر، ولأن زُبُرُها متقاربة الأجرام، وفي التبر والسبيكة والعنبر والمسك والكافور والثلج والجمد والقطن بمثل ذلك، وفي العنب والرطب وسائر الفواكه الرطبة لامتناع بيع بعضها ببعض، وكذا في الدقيق.
والأظهر: أنها جميعاً مثلية، وفي السكر والفانيد والعسل المصفى بالنار واللحم الطرى للخلاف في جواز بيع كل منها بجنسه، وفي الخبز لامتناع بيع بعضه ببعض، وأيضاً للخلاف في جواز السلم فيه، وجعل صاحب الكتاب الأظهر كونه مثليّاً، بناء على قطع النظر عن امتناع بيع بعضه ببعض، ويجوز السلم فيه لكنَّا أثبتنا الخلاف في السلم، وبيان ذلك الخلاف.
وقوله:"فإن أخلاطه غير مقصودة، بخلاف سائر المخلوطات" يعني المعجونات والغوالي ونحوها.
والفرق بين ما يقصد أخلاطه وبين ما لا يقصد منه إلاَّ الواحد مقرر في السلم، أما الحبوب والأدهان والألبان والسمن والمخيض والخل لم يستعن في إيجاده بالماء والزبيب والتمر ونحوها، فهي مثلية بالاتفاق، وكذا الدراهم والدنانير، لكن قضية العبارة الثانية إثبات الخلاف فيها؛ لأن في السلم فيها اختلافاً قد تقدم، وأيضاً فإنهم جعلوا المكسرة على الخلاف في التبر والسبيكة لتفاوت القراضات في الجِرْمِ، ومثل ذلك يفرض في الصحاح، فيلزم مجيء الخلاف فيها، وهذا في الدراهم والدنانير الخالصة، أما المغشوشة، ففي "التتمة" أن أمرها يبنى على جواز التعامل بها إن جوزناها فهي مثلية، وإلا فتقومه؛ لأن ما لا يملك بالعقد لا يملك بالقبض عوضاً عن التلف والله اعلم بالصواب.