للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقول: عليه مهر مثلها بكراً، ورجحوا الأول لوجوبهما بسببين مختلفين، وانفكاك كل واحد منهما عن الآخر.

فإن قلت: هل يختلف المقدار بالاعتبارين أم لا؟ إن اختلف وجب أن يقطع، بوجب الزائد؛ لأن بناء أمر الغاصب على التغليظ، وإن لم تختلف فلا فائدة للوجهين.

فالجواب: أن يقال: إن اختلف المقدار، فالوجه ما ذكرته، وقد أشار إليه الإمام، وإن لم تختلف، فللوجهين فوائد تظهر من بعد.

وإن كانا عالمين بالتحريم، فينظر إن كانت الجارية مكرهة، فعلى الغاصب الحد والمهر، خلافاً لأبِى حَنِيْفة في المهر، ويجب عليه أرش الافتضاض إن كانت بكراً، وإن كانت طائعة، فعليهما الحد، وفي المهر وجهان، ويقال: قولان:

أحدهما: يجب؛ لأن المهر حق للسيد، فلا يؤثر فيه رضاها، كما لو أذنت في قطع يدها.

وأظهرهما: وهو المنصوص: أنه لا يجب؛ لأنها زانية ساقطة الحرمة، فأشبهت الحرة إذا زنت طائعة، وقد روى أنه -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنْ مَهْرِ البَغِيِّ) (١).

ويجوز أن يكون مهرها للسيد، ويتأثر بعضها، كما لو ارتدت قبل الدخول، أو أرضعت إرضاعاً مفسداً للنكاح، ويجب أرش الافتضاض، إن كانت بكراً.

إذا قلنا: انه يفرد عن المهر.

وإن قلنا: لا يفرد، ففي وجوب الزيادة على مهر مثلها، وهي ثيب وجهان:

في وجه: لا تجب، كما لو زنت الحرة طائعة، وهي بكر.

وفي وجه: تجب، كما لو أذنت في قطع طرف منها.

وإن كان أحدهما عالماً، دون الآخر، فإن كان الغاصب عالماً فعليه الحد وأرش البكارة إن كانت بكراً، والمهر، وإن كانت الجارية عالمة فعليها الحد دونه، ويجب المهر إن كانت مطاوعة، فعلى الخلاف، واعلم أن الجهل بتحريم وطء المغصوبة قد يكون للجهل بتحريم الزنا مطلقاً، وقد يكون لتوهُّم حلّها خاصة لدخولها بالغصب في ضمانه، ولا تقبل دعواها إلاَّ من قريب العهد بالإسلام، أو ممن نشأ في موضع بعيد عن المسلمين، وقد يكون لاشتباهها عليه، وظنه أنها جاريته، ولا يشترط لقبول الدعوى ما ذكرناه.


(١) المشهور في لفظ هذا الخبر أنه نهى عن مهر البغي، لا كما في الكتاب -يعني الوجيز- وحديث النهي عن مهر البغي متفق عليه من حديث أبي مسعود ينظر تلخيص الحبير ٣/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>