وأصحها: أنه الذي إذا قسم أمكن أن ينتفع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة، ولا عبرة بإمكان الانتفاع به من وجه آخر للتفاوت العظيم بين أجناس المنافع.
إذا عرفت ذلك فلو كان بينهما طَاحُونَةَ، أو حَمَّام أو نهر، أو بئر فباع أحدهما نصيبه، نظر إن كانت الطاحونة كبيرة يمكن أن تجعل طاحونتين لكل واحد حجران، والحَمَّام كثير البيوت، يمكن أن يجعل حمامين، أو كبير البيوت يمكن جعل كل بيت بيتين، والبئر واسعة يمكن أن يبنى فيها، فتجعل بئرين لكل واحدة بياض يقف فيها، ويلقي فيه ما يخرج منها ثبتت الشفعة فيها، وإن لم يكن كذلك، وهو الغالب في هذه العقارات، فلا شفعة فيها على الأصح، وهذا جوابه على أصح الوجوه في معنى المنقسم.
أما إذا اعتبرنا بقاء منفعة ما كفى أن يصلح لكل سَهْمٍ من الحَمَّام بعد القسمة للسُّكْنَى، فإن اعتبرت القسمة لم يخف حكمه.
ولو اشترك اثنان في دار صغيرة لأحدهما عشرها, وللآخر باقيها، فإن حكمنا بثبوت الشفعة فيما لا ينقسم، فأيهما باع نصيبه فلصاحبه الشفعة، وإن حكمنا بمنعها، فإن باع صاحب العشر نصيبه لم يثبت لصاحبه الشفعة؛ لأنه أمن من أن يطالب مشتريه القسمة؛ لأنه لا فائدة له في القسمة، وبتقدير أن يطلب فلا يجاب؛ لأنه متعنت مضيِّع ماله وإذا كان كذلك فلا يلحقه ضرر قسمة، وإن باع صاحب النصيب الأوفر نصيبه، ففي ثبوت الشفعة لصاحب العشر وجهان، بناء على أن صاحب النصيب الأوفر، هل يجاب إذا طلب القسمة؛ لأنه منتفع بالقسمة؟.
والظاهر أنه يجاب، ولو كان حول البئر بَيَاضٌ وأمكنت القسمة، بأن نجعل البئر لواحد، والبياض لآخر ليزرعه، ويسكن فيه، أو كان موضع الحجر في الرَّحى واحداً، ولكن لها بيت يصلح لغرض آخر، وأمكنت القسمة، بأن يجعل موضع الحجر لواحد، وذلك البيت لآخر ليزرعه، فقد ذكر جماعة من الأصحاب أن الشفعة تثبت، وأن البئْرَ والحالة هذه من المنقسمات.
وهذا جواب على جرَيان الإِجْبَار في هذا النوع من القسمة.
وفيه خلاف على أنه لا يشترط فيما يصير لكل واحد منهما أن يمكن الانتفاع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة. وقوله في الكتاب:"وبئر الماء" ليس مذكوراً للتقييد، بل بئر الماء وسائر الآبار في الشفعة واحدة.
وقوله "إلا بإبطال منفعته المقصودة" إشارة إلى الوجه الأصح في ضبط المنقسم. وقوله:"فلا شفعة فيها" معلّم -بالحاء والواو- ويمكن أن يعلم -بالميم والألف-