وأما النصف الآخر، فالزوج أولى به، أو الشفيع فيه وجهان، وكذلك إذا اشترى شقصاً، وأفلس بالثمن، فأراد البائع الفسخ، والشفيع الأخذ بالشفعة في الوجهان:
أحدهما: أن الزوج، والبائع أولى بالإجابة لاستناد حقهما إلى ملك سابق، وأيضاً فإن البائع لم يرض بزوال الشقص، إلاَّ على أن يسلم له الثمن، فإذا لم يسلم وجب ألاَّ يؤخذ منه.
وأصحهما: أن الشفيع أولى؛ لأن حقه ثبت بالعقد، وحق الزوج ثبت بالطلاق، وحق البائع بالإفلاس، وأسبق الحَقَّين أولى بالرعاية، ولأن منع الشفيع إبطال حقه، وإذا قدمناه لا يبطل حق الزوج والبائع، وإنما ينتقل إلى البدل، ولأن حق الشفيع أقوى من حق الزوج والبائع، ألا ترى أن الشفيع يبطل تصرف المشتري عند إفلاسه، ولا الزوجة تصرف الزوج.
وقال الشيخ أبُو عَلِيٍّ: والوجهان مبنيان على القولين فيما إذا كان الخيار للمشتري وحده، وأراد الفسخ، والشفيع أراد أخذه بالشفعة، وقد قدمناهما.
وذكر الإمام، وصاحب "التهذيب" أن الوجهين متولدان من جواب ابْنِ الحَدَّادِ في الصورة الأولى أن الشفيع أولى، وجواب أبي إسحاق في الثانية بأن تصرف البائع أولى، وتصرف من بعدهما من الأصحاب في كلامهما، وجعلوا الصورتين على جوابين بالنقل والتخريج، وقطع بعضهم بجواب ابْنِ الحَدَّادِ في الصورة الأولى، وبجواب أبي إسحاق في الثانية.
والفرق أن الثابت للزوج بالطلاق الملك، والشفيع ثبت له ولاية التملك لا نفس الملك، فكان الزوج أولى بالتقديم، وفي الصورة الأخرى الثابت للبائع والشفيع معاً ولاية التملك، لكن الشفيع أسبق حقًّا، فهو أولى بالتقديم، وإذا قدمنا الشفيع في صورة الإفلاس، فأظهر الوجوه وبه قال ابْنُ الحَدَّاد أن الثمن المأخوذ من الشفيع مقسوم بين الغرماء كلهم؛ لأن حق البائع إذا انتقل عن العَيْنِ إلى الذمة التحق بسائر الغرماء.
والثاني: ويحكى عن ابْن سُرَيْجٍ أنه يقدم البائع بالثمن رعاية للجانبين.
والثالث: أنه إن كان البائع سلم الشقص، ثم أفلس المشتري لم يكن أولى بالثمن لرضاه بذمة المشتري، وإن لم يسلمه فهو أولى بالثمن، والطريقان جاريان فيما إذا اقتضى الحال عود كل الصداق إلى الزوج لردة، أو فسخ قبل الدخول، هذا إذا اجتمع الشفيع مع الزوج أو البائع.
أما لو أخذ الشفيع الشقص من يد الزوجة، ثم طلق الزوج، أو من يد المشتري، ثم إنه أفلس، فلا رجوع للزوج والبائع إلى الشفيع بحال لكن ينتقل حق البائع إلى