للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمِنَّةِ، ووضع الشفعة على أن يأخذ الشفعة بما أخذ به المتملك، ولو وهب بشرط الثواب، أو مطلقاً، وقلنا: إنه يقتضى الثواب فوجهان:

أصحهما: أنه يؤخذ بالشفعة؛ لأنه مملوك بعقد معاوضة.

والثاني: لا يؤخذ؛ لأنه ليس المقصود منه المعاوضة، وعلى الأول ففي أخذه قبل قبض الموهوب وجهان:

أظهرهما: الأخذ: لأنه صار بيعاً.

والثاني: لا؛ لأن الهبة لا تتم إلاَّ بالقبض، وهذا هو الخلاف في أن الاعتبار باللفظ، أو المعنى، ولو اشترى شقصاً، ثم تقايلا، فإن كان الشفيع قد عَفَا، فتجدد الشفعة ينبني على أن الإقالة فسخ، أم بيع.

إن قلنا: بيع تجددت، وأخذه من البائع.

وإن قلنا: فسخ لم تتجدد، كما لا تتجدد بالرد بالعيب؛ لأن الفسوخ، وإن كانت تشتمل على تراد العوضين، فلا تعطى أحكام المعاوضات، أَلاَ تَرَى أنه يتعيَّن فيها العوض الأَول، وإن جرت الإقالة قبل علم الشفيع بالشفعة، فإن جعلنا الإقالة بيعاً، فالشفيع بالخيار بَيْنَ أن يأخذها، وبين أن ينقضها، حتى يعود الشقص إلى المشتري، فيأخذ منه، وإن جعلناها فسخاً، فهو كطلب الشفعة بعد الرد بالعيب، وقد سبق، ويدخل في الضبط ما إذا جعل الشقص أجرة في إجارة، أو جُعْلًا في جعالة أو رأس مال في سلم، أو أصدق امرأته شقصاً، أو متعها به، أو خالعها على شقص أو صالح عليه على مال، أو دم، أو جراحة أو جعله المُكَاتب عوضاً عن النجوم، فتثبت الشفعة في ذلك كله، خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: لا تثبت الشفعة إلاَّ في الشراء وهو رواية عن أَحْمَدَ.

لنا قياس ما عداه عليه بجامع أنه مملوك بعقد معاً وضعه، ولو أقرضه شقصاً.

قال في "التتمة": القرض صحيح، وللشفيع أخذه إذا ملكه المستقرض، وإنما تثبت الشفعة في الجُعَالة بعد العمل، فإن الملك حينئذ يحصل للعامل ثم في الفصل فرعان:

أحدهما: لو بذل المكاتب شقصاً عوضاً عن بعض النجوم، ثم عجز ورَقَّ، ففي بطلان الشفعة وجهان، ينظر في أحدهما إلى أنه كان عوضاً أولاً، وفي الثاني خروجه أجرًا عن العوضية، وهذا أظهر، والخلاف شبيه بما ذكرنا فيما إذا كان الثمن عيناً، وتلف قبل القبض.

الثاني: لو قال لمستولدته إنْ خدمت أولادي شهراً فلك الشقص، فخدمتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>