فباع أحدهم نصيبه من أحد الآخرين، فأصح الوجهين، وهو المذكور في الكتاب، وبه قال أبُو حَنِيْفَهَ وَالمُزَنِيُّ أن المشتري والشريك الآخر يشتر كان في البيع، لاستوائهما في الشركة كما لو كان المشتري غيره.
وعن ابْنِ سُرَيْجٍ أن الشريك الثالث ينفرد بالشفعة، ولا حق فيه للمشتري؛ لأن الشفعة تستحق على المشتري، ولا يجوز أن يستحقها على المشترى، ولا يجوز أن يستحقها المشترى على نفسه، فعلى هذه الثالث بالخيار بين أن يترك جميع المبيع، أو يأخذ الجميع، وعلى الأصح هو بالخيار بين أن يأخذ نصف المبيع، أو يترك.
فإن قال: خذ الكل، أو اترك الكل، وتركت أنا حقى لم تلزمه الإجابة، ولم يصحّ إسقاط المشترى الشفعة؛ لأن مِلْكَهُ مستقرٌ على النصف بالشراء، فأشبه ما إذا كان للشقص شفيعان: حاضر وغائب، فأخذ الجميع الحاضر، ثم عاد الغائب له أن يأخذ نصفه، وليس للحاضر، أن يقول له: اترك الكل، أخذ الكل، وأنا تركت حقي، ولا نظر إلى تبعُّض الصفقة عليه، فإنه يلزمه دخوله في هذا العقد.
وعن رواية الشيخ أَبِى عَلِيٍّ وجه: أنه إذا ترك المشتري حقه وجب على الآخر الكل، أو ترك كما إذا باع من أجنبى، وله شفيعان، فترك أحدهما حقه يأخذ الآخر الكل، أو يترك، إلاَّ أن هذا الترك سابق على اختيار التملك هاهنا، وفيما نحن فاختيار التملك بالشراء، فلم يؤثر الإعراض بعده.
ولو كان بين اثنين دار، فباع أحدهما نصف نصيبه من ثالث، ثم باع النصف الثاني من ذلك الثالث، فعلى الأصح حكمه حكم ما لو باع النصف الثاني من أجنبى، وهو المذكور في الباب الثاني.
وعلى ما ذكره ابْنُ سُرَيْجٍ لا شفعة للمشتري، فللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكل، أو يأخذ أحد النصفين دون الآخر.
وإذا عرفت ما ذكرناه أعلمت قوله في الكتاب:"أخذ بالشفعة لنفسه" بالواو.
وكذا قوله:"لم يأخده لأنه متهم". وكذا قوله:"فيترك عليه ما يخصه".