للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: وَالمَيْتَات كُلُّهَا عَلَى النَّجَاسَةِ اِلاَّ السَّمَكَ وَالجَرَادَ، وَكَذَا الآدَمِيُّ عَلَى الصَّحِيح، وَكَذَا دُودُ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الأَصَحِّ، وَلاَ يَحْرُمُ أكَلُهُ مَعَ الطَّعَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَمَا لَيسَ لَه نَفسٌ سَائِلَةٌ لاَ يَنْجُسُ المَاءُ إذَا مَاتَ فِيهِ عَلَى الجَدِيدِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا نَجُسَتْ (ح م) بِالمَوْتِ، وَهَذَا عَفْوٌ لِتَعَذُّرِ الاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهَا لاَ تَنْجُسُ بِالمَوتِ إِذ لَيْسَ فِيهَا دَمٌ مُعْفّنٌ فَأَشْبَهَتِ النَّبَاتَ.

قال الرافعي: الأصل في الميتات النجاسة، قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١) وتحريم ما ليس بمحترم، ولا فيه ضرر كَالسُّمِّ يدل على نجاسته.

ويستثنى منها أنواع:

أحدها: السمك والجراد قال -صلى الله عليه وسلم-: "أُحِلت لَنَا مَيتَتَانِ" (٢). الخبر ولو كانا نجسين لكان مُحَرَّمين.

الثاني: الآدمي، وفي نجاسته بالموت قولان:

أحدهما: ينجس بالموت؛ لأنه حَيَوانٌ طاهر في الحياة غير مأكول بعد الموت فيكون نجساً كغيره.

والثاني: وهو الأصح: لا ينجس لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (٣) وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاسته؛ ولأنه لو نجس بالموت لكان نجس العين كسائر الميتات، ولو كان كذلك لما أمر بغسله كَسَائِرِ الأَعْيَانِ النَّجِسَةِ، روى هذا الاستدلال عن ابنِ سُرَيج قال أبو إسحاق (٤) عليه) لو كان طاهراً لما أمر بغسله كسائر الأعيان الطاهرة.


(١) سورة المائدة (٣).
(٢) رواه الشافعي وأحمد والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً به. ولابن ماجة منه اللفظة الأولى. قال أحمد: هذا حديث منكر. قلت: سببه أن عبد الرحمن هذا ضعفه الجمهور، قال الدارقطني والبيهقي. روي موقوفاً على عبد الله ابن عمر وهو أصح. قال البيهقي. وهو في معنى المسند. انظر الخلاصة البدر ١/ ١١.
(٣) سورة الإسراء (٧٠).
(٤) إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المروزي أحد أئمة المذهب أخذ الفقه عن عبدان المروزي، ثم عن ابن سريج والإصطخري وانتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، وصنف كتباً كثيرة، وأقام ببغداد مدة طويلة يفتي ويدرس وانتفع به أهلها وصاروا أئمة كابن أبي هريرة، وأبي زيد المروزي وأبي حامد المروزي قال العبادي: وهو الذي قعد في مجلس الشافعي بمصر سنة القرامطة، واجتمع الناس عليه، وضربوا إليه أكباد الإبل، وسار في الآفاق من مجلسه سبعون إماماً من أصحاب الشافعي. وقال الشيخ أبو إسحاق: انتهت إليه الرئاسة في العلم ببغداد، =

<<  <  ج: ص:  >  >>