للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن صاحب "الشامل" ذكر أنه لو استحق شِقْصاً بالشفعة، فجاء، وقال: آخذ نصفه سقطت شفعته في الكل؛ لأنه ترك طلب النصف.

إذا تقرر ذلك، فلو استحق الشفعة اثنان، فعفا أحدها عن حقه، ففيه أربعة أوجه:

أحدها: ويحكى عن ابْنِ سُرَيْجٍ: أنه يسقط حقهما جميعاً، كما لو استحق اثنان القصاص، فعفا أحدها.

والثاني: لا يسقط حق واحد منهما كما ذكرنا في الصورة الأولى؛ لأنه لا يسقط شيء، فغلبنا جانب الثبوت.

والثالث: أنه يسقط حق العافي، وليس لصاحبه إلاَّ أن يأخذ قسطه؛ لأن العفو يقتضي استقرار العفو عنه على المشتري، كما لو عفوا جميعاً، وليس للمشتري أن يلزمه أخذ الجميع.

والرابع وهو الأصح: أن حق العافي يسقط، ويثبت الحق بكماله للثاني فإن شاء ترك الكل، وإن شاء أخذ الكل، وليس له أن يقتصر على أخذ حصته لولا العفو؟ لما فيه من تبعيض الصفقة على المشتري، هذا هو الوجه المذكور في الكتاب.

وقوله: "وجب على الثاني أن يأخذ الكل" أراد به أنه إن أخذ الكل لا الحصة إلاَّ أنه يلزمه الأخذ، هذا إذا ثبتت الشفعة لعدد ابتداء.

أما إذا ثبت لواحد، ومات، وورثه اثنان، فعفا أحدها، فهو كما لو ثبتت الشفعة لواحد، فعفا عن بعضها، أو ثبتت لاثنين، فعفا أحدهما فيه وجهان:

أظهرهما: الثاني قال الإمام: والخلاف بناء على ما سبق أن الوارث يأخذ الشفعة لنفسه، أو يتلقاها عن المورث.

واعلم أن الوجوه المذكورة شاملة لعفو الشفيع عن بعض حقه وليعفو أحد الشفيعين عن حقه إلاَّ الوجه الصائر إلى استقرار العفو عنه على المشتري، فإنهم لم يذكروه في عفو الشفيع عن بعض حقه، فيه يحصل الافتراق، وأيضاً يفترقان في الأصح.

ولو كان للشقص شفيعان، فمات كل واحد منهما عن ابنين، فعفا أحدها.

فإن قلنا: عفو الوارث كعفو الشفيع عن بعض حقه، ففي وجه يسقط الكل وفي وجه كما كان، وقياس الوجه الثالث في عفو الشفيع عن بعض حَقّه أن يسقط حق العافي وأخيه، ويأخذ الآخران.

<<  <  ج: ص:  >  >>