قال الرافعي: أصل الفصل أنه ليس للشفيع تفريق الصفقة على المشتري على ما مَرَّ أثناء الكلام، ولو اشترى اثنان شِقْصًا من واحد، فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما خاصة؛ لأنه لا يفرق على واحد منهما ملكه. وعن أبي حَنيْفَةَ لا يجوز إن كان ذلك قبل القبض، وإن تعدد البائع بأن باع اثنان من شركاء الدار شِقْصًا من واحد فوجهان:
أحدهما: أنه لا يجوز أخذ حِصَّة أحد البائعين؛ لأنّ المشتري ملك الكل بصفقة واحدة، فلا يفرق ملكه عليه، وبهذا قال مالك.
وأصحهما: ويحكى عن نَصِّه في القديم، وبه أجاب المُزَنِيُّ أنه يجوز؛ لأن تعدُّد البائع يوجب تعدد العقد، كتعدد المشتري، فصار كما لو ملكه بعقدين، ولو باع اثنان من شركاء الدار نصيبهما بعقد واحد من رجلين، والصفقة نازلة منزلة أربعة عقود تفريعًا على الأصح في أن تعدُّد البائع كتعدد المشتري، وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الجميع، وبين أن يأخذ ثلاثة أرباع المبيع، وهو نصيب أحد المشترين، ونصف نصيب الآخر، وبين أن يأخذ نصفه إما بأخذ نصيب أحدهما، وترك الآخر، أو بأخذ نصف نصيب واحد منهما، وبين أن يأخذ ربعه بأخذ نصف نصيب أحدهما لا غير، وإن وَكَّل وكيلين في بيع شِقْصٍ، أو شرائه، أو وكل وكيلاً في بيع شقص، أو شرائه، فالاعتبار بالعاقد، أو من له اليد فيه خلاف، وقد ذكرناه في "تفريق الصفقة" حتى لو كانت الدَّار لثلاثة شركاء توكل أحدهم لآخر ببيع نصيبه، وجَوَّز له أن يبيعه مع نصيب نفسه إن شاء صفقة واحدة فباع كذلك، فليس للثالث إذا جعلنا الاعتبار بالعاقد إلاَّ أخذ الكل، أو ترك الكل، فإن جعلنا الاعتبار بالمعقود، فله أن يأخذ حصة أحدهما دون الآخر كما لو باع كل منهما حِصَّته بنفسه.
ولو كانت الدار لرجلين، فوكل أحدهما الآخر ببيع نصف نصيبه، وجَوَّز له أن يبيعه مع نصيب نفسه، إن شاء صفقة واحدة، فباع كذلك، وأراد الموكل أخذ نصيب