للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثالثة: ألا يكون واحد منهما بحيث يمسح عليه فلا يخفى تعذر المسح.

الرابعة: أن يكون كل واحد منهما بحيث يمسح عليه، فهل يجوز المسح على الأعلى؟ فيه قولان:

قال: في "القديم" و"الإملاء" يجوز وبه قال أبو حنيفة وأحمد والمزني؛ لأن المسح على الخُفِّ جوز رفقاً وتخفيفاً، وهذا المعنى موجود في الجرموق فإن الحاجة تدعو إلى لبسه وتلحق المشقة في نزعه عند كل وضوء. وقال في الجديد: لا يجوز (١) وهو أشهر الروايتين عن مالك؛ لأن الأصل غسل الرّجلين والمسح رخصة وردت في الخُفِّ والحاجة إلى لبسه أهم وأعم فلا يلحق به الجرموق، فإن فرعنا على القديم وجوزنا المسح على الجرموق فكيف السبيل في ذلك: ذكر ابن سريج فيه ثلاثة معان:

أظهرها: أن الجُرْمُوق بدل عن الخف والخف بدل عن الرجل؛ لأنه يستر الخف ستر الخف للرجل ويشق نزعه كما يشق نزع الخف فأقيم مقامه.

وثانيها: أن الأسفل كاللفافة والخف هو الأعلى. لأنا إذا جوزنا المسح عليه فقد جعلناه أصلاً في رخصة المسح.

وثالثها: أن الأعلى والأسفل معاً بمثابة خف واحد فالأعلى كالظّهارة والأسفل كالبطانة ويتفرع على هذه المعاني مسائل.

منها: لو لبسهما جميعاً وهو على كمال الطَّهارة، له أن يمسح على الأعلى على هذا القول، وهل له أن يمسح على الأسفل (٢) بأن يخل اليد بينهما؟ فيه وجهان:

إن قلنا: الأعلى بدل الأسفل، يجوز، كما لو غسل الرجل في الخف، وإن قلنا: الأسفل كاللفافة، أو هما كطاقتي خف واحد، فلا. ومنها: لو لبس الأسفل على كمال الطّهارة، ولبس الأغلى على الحدث، ففي جواز المسح على الأعلى وجهان:

إن قلنا: بالمعنى الأول، أو الثاني، فلا، يجوز؛ لأنه مقصود بالمسح، وقد لبسه محدثاً، فلا يمسح عليه كالخف الواحد. وإن قلنا: بالمعنى الثَّالث، فيجوز، كما لو لبس الخف على الطهارة، ثم أحدث وألصق به طاقة أخرى.

وفي المسألة طريقة أخرى: أنه لا يجوز المسح عليه جزماً، ولو لبس الأسفل كذلك وأحدث ومسح عليه، ثم لبس الجُرْمُوق، فهل يمسح عليه؟ منهم من بناه على


(١) قال النووي: الأظهر عند الجمهور الجديد، وصحح القاضي أبو الطيب في شرح "الفروع" القديم -والله أعلم- ينظر الروضة (١/ ٢٤٠).
(٢) في (ط): على الأقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>