فعلى وليِّه الأخذ إن كان فيه مصلحة، وإلاَّ لم يجز الأخذ، وإذا ترك بالمصلحة، ثم بلغ الصَّبي، فهل له الأخذ؟
فيه خلاف ذكرناه في آخر الحجر، ولو كان بين اثنين دار، فمات أحدهما عن حمل في البطن ثم باع الآخر نصيبه، فلا شفعة للحمل؛ لأنه لا يتيقن وجوده، فإن كان له وارثٌ غير الحمل، فله الشفعة، وإذا انفصل حيًا، فليس لوليِّه أن يأخذ شيئًا من الوارث، ولو ورث الحمل الشفعة عن مورثه، فهل لأبيه أو جدّه الأخذ قبل انفصاله.
فيه وجهان:
وجه المنع، وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ: أنه لا يتيقّن وجوده، فإذا أخذ الشفيع الشقص وبنى فيه أو غرس وخرج مستحقًا وقلع المستحق، بناءه وغراسه، فالقول فيما يرجع به الشفيع على المشتري من الثمن، وما ينقص قيمة البناء والغراس وغيرهما، كالقول في رجوع المشتري من الغاصب عليه.
قال الإمام: وإن نظرنا إلى أن الرجوع بما ينقص من قيمة البناء والغراس هناك مبني على التغرير، ولا تغرير من المشتري، بل الشِّقص مأخوذ منه قهرًا، فيجوز أن يجاب عنه بأنه مختار في الشراء، والأخذ بالشفعة موجب للشراء.
ولو مات رجل، وله شقص من داره، وعليه ديون تستغرق التركلة، فباع الشريك الآخر نصيبه قبل أن يباع الشقص في الدَّين.
قال ابْنُ الحَدَّادِ: للورثة أخذه بالشفعة، وهو جواب على أن الدَّيْن لا يمنع انتقال المِلْك، في التركة إلى الورثة، وهو الأصح.
فإن قلنا: يمنع، فلا شفعة لهم، ولو خلف دارًا وديونًا لا تستغرق قيمة الدار، فبيع منها ما بقي بالدَّين.
قال ابْنُ الحَدَّادِ: لا شفعة للورثة فيما بيع بما بقي لهم في الملك، وهذا مستمر على الأصل السابق، فإنهم إذا ملكوا الدار كان المبيع جزءًا من ملكهم، ومن بيع جزء من ملكه بحق لم يكن له استرجاعه بالباقي.
فإن قلنا: إنه يمنع، فمنع الملك في قدر الدَّين، أم في جميع التركة؟ فيه خلاف مذكور في موضعه.
إن قلنا بالثاني، فلا شُفْعَة لهم أيضًا؛ لأنهم إنما يملكون الباقي بأداء الدين، وإنما تثبت الشُّفعة بملك يتقدَّم على البيع.
وإن قلنا بالأول ثبتت لهم الشفعة، ولو كانت الدَّار المشتركة بين المورث والورثة، ثم إنه مات، فبيع نصيبه أو بعضه في ديونه وصاياه.