قال الرافعي: الشراط الرابع: أن يكون رأس المال مسلّمًا إلى العامل (١)، ويستقل باليد عليه، والتصرف فيه، ولو شرط المالك أن يكون الكيس في يده ليوفي الثمن منه إذا اشترى العامل شيئًا، أو شرط أن يراجعه العامل في التصرفات، أو يراجع مشرفًا نصّبه فسد القراض؛ لأنه قد لا يجده عند الحاجة، أو لا يساعده على رأيه فيفوت عليه التصرف الرابح، فالقراض موضوع توسعًا لطريق التجارة، ولهذا الغرض احتمل فيه ضرب من الجَهَالة فَيُصَانُ عما يخل به، ولو شرط أن يعمل معه المالك بنفسه فسد أيضًا؛ لأن انقسام التصرف يُفْضِي إلى انقسام اليد ويبطل الاستقلال. وفي "الرقم" لأبي الحسن العَبَّادِيِّ أن أبا يحيى البَلِحْيّ جوزِ ذلك على طريق المعاونة والتبعية، والمذهب الأول، ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك فوجهان، ويقال: قولان.
أحدهما: أنه لا يصح أيضًا، كما لو شرط أن يعمل بنفسه؛ لأن يد عبده يده.
والثاني: وبه قال ابْنُ سُرَيجٍ وأبُو إِسْحاقَ والأكثرون: أنه يجوز؛ لأن العبد مال يدخل تحت اليد، ولمالكه إعارته وإجارته، فإذا دفعه إلى العامل، فقد جعله معينًا وخادمًا للعامل، فوقع تصرفه للعامل تبعًا لتصرفه، بخلاف ما إذا شرط المالك أن يعمل بنفسه، فإنه لا وجه لجعله تابعًا، وموضوع الخلاف ما إذا لم يصرح بحَجْرِ العامل.
فأما إذا قال: على أن يعمل معك غلامي، ولا يتصرف دونه، أو يكون بعض المال في يده، فسد لا محالة، ولا شرط في المُضَاربة أن يعطية بهيمة يحمل عليها، ففي "التتمة" أنه على الخلاف في مسألة الغلام.
ومنهم من قال: قضية كلامه، القطع بالجواز، ولو لَمْ يشترط عمل الغلام معه، ولكن شرط أن يكون ثلثي الربح له، والثلث لغلامه، والثلث للعامل جاز، وحاصله اشتراط ثلثى الربح لنفسه نص عليه في "المختصر" حيث قال: فان قارضه، وجعل معه رَبّ المال غلامه، وشرط أن الربح بينه، وبين العامل، والغلام أثلاثًا فهو جائز، وكان لرب المال الثلثان. واعلم أن من لم يجوز شرط عمل الغُلاَم قال: المراد من هذا النص أن يجعل مع العامل في قسمة الربح لا في العمل، ومن جوزه عمل بإطلاقه، وقال: لا فرق بين شرط عمله، وبين تركه، وهذا ما ينزل عليه قوله في الكتاب:"جار على النص"، ولو شرط ثلث الربح لحُرٍّ، فسيأتي في الركن الثالث.
(١) وليس المراد إشتراط تسليم المال إليه حال العقد أو في مجلسه، وإنما المراد أن يستقل العامل باليد عليه والتصرف فيه كما أشار المصنف.