للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطحن صار ضامنًا، وعليه الغرم إن فرض نقص في الدقيق، فإن باعه لم يكن الثمن مضمونًا عليه؛ لأنه لم تبعد فيه، ولا يستحق العامل بهذه الصناعات أجرة على المالك، ولو استأجر عليه أجيرًا، فأجرته عليه، والربح بينه وبين المالك كما شرطا.

ومنها: لو قارضه على دراهم على أن يشتري بها نخيلًا، أو دواب، أو مستغلات، ويمسك زمامها رقابها لثمارها، أو نتاجها أو غلاتها، أو تكون الفوائد بينهما، فهو فاسد؛ لأنه ليس استرباحًا بطريق التجارة، والتجارة هي التصرف بالبيع والشراء، وهذه الفوائد تحصل من عين مال لا من تصرفه.

ومنها: لو شرط عليه أن يشتري شبكة الصيد ويصطاد بها، وليكون الصيد بينهما، فهو فاسد، ويكون الصيد للصائد، وعليه أجرة الشبكة.

وقوله في الكتاب: "العمل وهو عوض الربح" كان المراد فيه أن قضية ملك المالك رأس المال وملكه الربح، فالقدر المشروط للعامل إنما ملكه عوضًا عن عمله للمالك، وربما يقال: رأس المال والعمل عوضان متقابلان، ونعني به أن رأس المال من المالك، والعمل من العامل يتقابلان، والربح يحصل من معاونتهما. وقوله: "فإنْ عقد القِرَاض على الحنطة ليربح بذلك فهو فاسد" أي الطحن والخبر، وفي الصورة التي صورها للفساد سبب آخر، وهو كون رأس المال عوضًا، وإنما الصورة التي تختصُّ بما نحن فيه أن يقارضه على دراهم على أن يشتري بها الحنطة، ويطحن وبخبز على ما سبق. وقوله: "أما النقل والوزن ولواحق التجارة بيع للتجارة".

معناه: أن هذه الأعمال وإن كان العامل يأتي بها على ما سنبين في الباب الثاني ما على العامل فليس ذلك كالطَّحْن والخبر، فإنها من توابع التجارة ولو احقها التي انبنى العقد لها.

قال الغزالي: ثُمَّ لَوْ عَيْنَ الخَزَّ الأَدْكَنَ أَوِ الخَيْلَ الأَبْلَقَ لِلتِّجَارَةَ عَلَيْه، أَوْ عَيَّن شَخْصًا لِلمُعَامَلَةِ مَعَهُ فَهَوُ فَاسِدٌ (ح و) لأَنَّه تضَيِيقٌ وَلَوْ عَيَّنَ جِنْسَ الخَزِّ أَوِ البَزِّ جَازَ لأنَّهُ مُعْتادٌ.

قال الرافعي: الأمر الثاني: ألاَّ يكون مضيقًا عليه بالتعيين (١)، فلو عين نوعًا


(١) كشراء متاع معين أو معاملة شخص إذ المتاع المعين قد لا يربح والشخص المعين قد لا يعامله وقد لا يجد عنده ما يظن أن فيه ربحًا قال في الحاوي: ويضر تعين الحانوت دون السوق لأن السوق كالنوع العام والحانوت كالعرض المعين.
(ينظر روضة الطالبين ٤/ ٢٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>