قال الرافعي: ذكرنا أن القراض ينفسخ بالموت، وإذا مات المالك، والمال ناض لا ربح فيه أخذه الوارث، وإن كان فيه ربح أقتسماه، وإن كان عرضاً، فالمطالبة بالبيع والتنضيض كما في حالة حصول الفسخ في حياتهما، وللعامل البيع هاهنا، حيث كان له البيع هناك، ولا يحتاج إلى إذن الوارث اكتفاء بإذن من تلقى الوارث المالك عنه، بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكن وارثه من البيع دون إذن المالك، فإنه يرض بتصرفه.
وفي "التتمة" وجه أن العامل أيضاً لا يبيع إلاَّ بإذن وارث المالك، والمشهور الأول، ويجري الخلاف في استيفائه الديون بغير إذن الوارث، ولو أراو الاستمرار على العقد، فإن كان المال ناضّاً فلهما ذلك بأن يستأنفا عقداً بشرطه، ولا بأس بوقوعه قبل القسمة لجواز القراض على المشاع، وكذلك يجوز القراض الشريك بشرط ألاَّ يشاركه في اليد، ويكون للعامل ربح نصيبه، ويتضاربان في الربح نصيب الآخر، وهل ينعقد بلفظ الترك والتقرير بأن يقول الوارث أو القائم بأمره: تركتك أو أقررتك على ما كنت عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال الشيخ أبو محمد: لا؛ لأن العقد السابق قد ارتفع، وهذا ابتداء عقد، فلا بد من إذن صالح للابتداء، والتقرير يشعر بالاستدامة.
وأظهرهما: عند الإمام نعم لفهم المعنى، وقد يستعمل التقرير لإنشاء عقد على موجب العقد السابق، وليكن الوجهان مفرعان على أن هذه العقود لا تنعقد بالكنايات فإن قلنا ينعقد فينبغي أن يجزم بالوجه الثاني، وإن كان المال عروضاً، ففي جواز تقريره على القراض وجهان:
عن أبي إسحاق أنه جائز؛ لأنه استصحاب قراض، فيظهر في حنس رأس المال وقدره فيجريان على موجبه، ولا يلزم مصير رأس المال ربحاً ولا ذهاب بعض الربح في رأس المال.
والأظهر المنع لأن القراض الأول قد ارتفع، فلو وجد قراض آخر لكان قراضاً مستأنفاً، وحينئذ يمتنع إيراده على العروض، والأول ظاهر لفظه في "المختصر" لكن القائلين بالثاني حملوه على ما إذا كان المال ناضاً أو استأنفاً عقداً.
وألاشبه: أن يختص الوجهان بلفظ الترك والتقرير، ولا يتسامح باستعمال الألفاظ التي تستعمل في الابتداء.