قال الرافعي: تصدّر المسأله بقول جملي، وهو أن بناء هذا الفصل، والذي يليه على أن المساقاة لازمة على ما مر لا كالقراض، ثم تقول: إذا هرب العامل قبل تمام العمل، ينظر إن تبرع المالك بالعمل، أو بمؤنته بقي إستحقاق العامل مجاناً، وإلاَّ رفع الأمر إلى الحاكم، وأثبت عنده المساقاة لينفذ في طلبه، فإن وجده أجبره على العمل؛ وإلاَّ استأجر عليه من يعمل، وممّ يستأجر؟ إن كان للعامل مال فمنه، وإلاَّ فإن كان بعد بُدُوِّ الصلاح باع نصيب العامل كله، أو بعضه بحسب الحاجة من المالك، أو من غيره، واستأجر بثمنه، وإن كان قبل بدو الصلاح.
أما قبل خروج الثمرة، أو بعده استقرض عليه من المالك، أو من أجنبي، أو من بيت المال، واستأجر به ثم يقضيه العامل وإذا رجع، أو يقضي من نصيبه من الثمرة بعد بدو الصلاح، أو الإدراك، ولو وجد من يستأجره بأجرة مؤجلة توفي بالأجرة استغنى عن الاستقراض، وحصل الغرض، وإن عمل المالك بنفسه، أو أنفق عليه ليرجع، نظر إن قدر على مراجعة الحاكم فلم يفعل، فهو متبرع لا رجوع له، وإن لم يقدر، فإن لم يشهد عليه لم يرجع أيضاً؛ إلاَّ ألاَّ يمكنه الإشهاد ففيه وجهان، وربما حكى وجه مطلق.
أنه يرجع، فإن أشهد، فأصح القولين أنه يرجع للضرورة.
الثاني: لا يرجع، وإلاَّ صَارَ حاكماً لنفسه على غيره. وننبه هاهنا لفائدتين
إحداهما: الوجهان في الرجوع إذا لم يمكنه الإشهاد قريبان من الوجهين فيما إذا أشهد للعجز عن الحاكم للعذر والضرورة.
لكن الذي رجحه الجمهور أنه لم يشهد لا يرجع من غير فرق بين الإمكان وعدم الإمكان، ويجوز أن يكون سبيه أن عدم إمكان الإشهاد نادر لا يعتد به.
الثانية: الإشهاد المعتبر أن يشهد على العمل أو الاستئجار، وأنه بذل ذلك بشرط الرجوع. وأما الإشهاد على ذلك من غير التعرُّض للرجوع فهو كترك الاشهاد، قاله من