للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العين أو الذمة، ويثبت الاستحقاق في الحال بتقسيم المكتري والمكري أو المكتريان، والتأخير الواقع من ضرورة القسمة والتسليم لا يضر، وهذه المسألة تشهر بـ"كراء العُقب" وهو جمع عُقْبة، والعقبة: النَّوْية وهما يتعاقبان على الراحلة، إذا ركب هذا تارةً، وهذا تارةً.

وإذا قلنا بالجواز فلو كان بالطريق عادة مضبوطة، إما بالزمان بأن يركب يوماً وينزل يوماً، أو بالمسافة بأن يركب فرسخاً ويمشي فرسخاً حمل العقد عليها، وليس لأحدهما أن يطلب الركوب ثلاثاً والنزول ثلاثاً لما في دوام المشي من التعب (١).

وإن لم تكن عادة مضبوطة فلا بد من البيان في الابتداء، وإن اختلفا في من يبدأ بالركوب، فالحكم القرعة ولو أكرى الدابة من اثنين، ولم يتعرض للتعاقب.

قال في "التتمة" إن احتملت الدابة ركوب شخصين اجتمعا على الركوب، وإلاَّ فالرجوع (٢) يخرج على المهايأة كما سبق.

ولو قال: أجرتك نصف الدابة إلى موضع كذا، أو أجرتك الدابة لتركبها نصف الطريق صَحَّ، ويقتسمان إما بالزمان أو بالمسافة وهذه إجارة المشاع تصح كما يصح بيعه وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة وأحمد: لا تصح إجارة المشاع إلاَّ من الشريك.

وفي إجارة نصف الدابة وجه أنها غير جائزة للتقطع بخلاف إجارة نصف الطريق وبخلاف ما إذا أجر منهما ليركبان في محمل.

ونعود إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب خاصة.

أما تضمينه مسائل الفصل شرط القدرة على التسليم، فكان سببه أن منافع الزمان المستقبل غير مقدور عليها. أما إذا نَجَّز كان التسليم في الزمان الحاضر مقدوراً عليه فينسحب حكمه على جميع المدة المتواصلة للحاجة. وقوله "فاسد" معلم بالحاء والألف. وأراد بقوله: "إذ لا تسلط عليه عقب العقد مع اعتماد العقد العين" أن هذه الإجارة متعلقة بالعين غير واردة على الذمه، وذلك يقتضي التسليط في الحال. وقوله: "فوجهان" يجوز إعلامه بالواو ولأن أبا الفرج السرخسي حكى طريقة قاطعة بالمنع كما لو أجر من غير المستأجر، ولفظ الكتاب في مسألة كراء العُقب لا يتناول إلاَّ الإجارة الواردة على العين، وإلاَّ إذا اتحد المكتري لا يجيء حينئذٍ إلا وجهان كما ذكرنا. وقوله


(١) قال السبكي: والحق أنه يجوز أن يشارطا عليه إلا أن يكون فيه ضرر على البهيمة، وقال الخطيب: والكلام محمول على أنه بعد استقرار الأمر على يوم ونحوه: ليس له طلب ثلاث، قال الولي العراقي محمول على ما إذا كانت العادة يوماً.
(٢) في ط الركوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>