للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: ذكر الشيخ عبد الكريم الثَّالوسي (١) أنه إِن نوى القارئ بقراءته أَن يكون ثوابها للميت لم يلحقة، لكن إِن قرأَ، ثم جعل ما حصل من الأجر له فهو دعاء بحصول ذلك الأَجر للميت، فينتفع الميت (٢).

ومنه: الاستئجار للرضاع يجب فيه التقدير بالمدة كما سبق، ولا سبيل إِلى ضبط مرات الإرضاع ولا القدر الذي يستوفيه في كل مرة، وقد تعرض له الأَمراض والأسباب الملهية، ويجب تعيين الصبي لاختلاف الغرض باختلاف حال الرضيع (٣)، وتعيين الموضع الذي يرضع فيه أَهو بيته أَم بيتها. فإِن إرضاعها في بيتها أَسهل عليها، فالإِرضاع في بيته أَشد وثوقاً، هذا ما ذكره في استئجار الآدمي.

وقد يستأجر لأُمور أُخر: منها: الحج وقد ذكرناه في بابه. ومنها: إِذا استأجر لحفر بئر أَو نهر أَو قناة، قدّر إِمَّا بالزمان، فيقول: تحفر لي شهراً، أَو بالعمل، فيقدر الطول والعرض والعمق، ويجب معرفة الأَرض بالمشاهدة، وللوقوف على صلابتها ورخاوتها، ويجب عليه إِخراج التراب المحفور، فإن انهار شيء من جوانب البئر لم يلزمه إِخراج ذلك التراب وِإذا انتهى إلى موضع صلب إِو حجارة، نظر إن كان يعمل فيه المعول وجب حفره على أَظهر الوجهين، وبه قال القاضي أَبو الطيب.

والثاني: لا يجب، وبه قال ابن الصَّبَّاغ؛ ولأنه خلاف ما اقتضته المشاهدة، فعلى هذا له فسخ العقد، وإِن لم يعمل به المعول أو نبع الماء قبل أَن ينتهي إلى القدر المشروط، وتعذر الحفر انفسخ العقد في الباقي، ولا يفسخ فيما مضى على الأَصح، فتوزع الأجرة المسماة على ما عمل، وعلى ما بقي:

وإِن استأجر لحفر قَبْر بَيَّنَ الموضع، والطول والعرض، والعمق، ولا يكفي الإِطلاق خلافاً لأَبي حنيفة، ولا يجب عليه التراب بعد وضع الميت خلافاً له أَيضاً.

ومنها: إذا استأجر اللبن، قدر بالزمان أَو العمل، وإذا قدر بالعمل بين العدد


(١) أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله. عبد الكريم بن أحمد بن الحسين الطبري، الشالُوسي. قال ابن السمعاني: كان فقيه عصره بآمل، ومدرِّسها، ومفتيها، وكان واعظاً زاهداً من بيت الزهد والعلم قال: وتوفي سنة خمس وستين وأربعمائة، وسمع بالعراق والحجاز، ومصر، وغيرهما. والشالُوسي: نسبة إلى شالوس، قرية بنواحي آمل طبرستان، وشينها الأولى معجمة والثانية مهملة، انتهى كلامه، في "الأنساب" (ينظر طبقات الإسنوي ٢/ ٦ - ٧)
(٢) ظاهر كلام القاضي حسين: صحة الإجارة مطلقاً وهو المختار فإن موضع القراءة موضع بركة وبه تنزل الرحمة وهذا مقصود ينفع الميت. (ينظر الروضة ٤/ ٢٦٦)
(٣) قال في البحر: وإنما يعرف بالمشاهدة أي بالوصف لإختلاف شربه باختلاف سنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>