بموافقته (١). وإن لم بيَّنَا قدر السير، وأطلقا العقد، نُظِرَ إن كان في الطريق منازل مضبوطة صح العقد، وحمل عليها، وإن لم يكن فيه منازل، أو كانت والعادة مختلفة فيها لم يصح العقد حتى بيَّنَا أو يقدَّرا بالزمان هذا ما اشتملت عليه الطرق ووراءه شيئان: أحدهما: عن أبي إسحاق أنه قال: إذا اكترى إلى "مكة" في زماننا لم يكن بُد من ذكر المنازل؛ لأن السير في هذا الزمان سياق لا تطيقه الحمولة فلا يمكن حمل الإطلاق عليه.
والثاني: ذكر القاضي أبو الطيب أنه إذا كان الطريق مخوفاً لم يجز تقدير السير فيه؛ لأنه لا يتعلق بالاختيار.
وتابعه على هذا القَاضِي الرُّوياني في "التجريد" وقضيته امتناع التقدير بالزمان أيضاً، وحيئذ يتعذَّرُ الاستئجارُ في الطريق الذي ليس له منازل مضبوطة إذا كان مخوفاً، والقول في وقت السير أهو الليل أو النهار؟ وفي موضع النزول في المرحلة أهو نفس القرية أو الصحراء، أو في الطريق الذي يسلكه إذا كان للمقصد طريقان؟ على ما ذكرنا في قدر السير في العمل على المشروط أو المعهود، وقد يختلف المعهود في فصلي الشتاء والصيف، وحالتي الأمن والخوف، فكل عادة تراعى في وقتها.
وقوله في الكتاب "ويعرف تفصيل السير والسُّري" المراد من السير المسير بالنهار، ومن السُّري المسير بالليل أو المعنى أنه يجب ذكر ذلك، وبيانه إن لم يكن للعرف ضبطاً فيه، وإن كان فيتبع إن أطلقا العقد، أما إذا شرطا خلاف المعهود، فهو المتبع لا المعهود.
قال الرافعي: من الأغراض التي تستأجر لها الدواب العمل عليها، فينبغي أن يكون المحمول معلوماً؟ فإن كان حاضراً ورآه المؤجر كفى، وإن كان في ظَرْفٍ وجب أن يمتحنه باليد تخميناً لوزنه، فإن لم يكن حاضراً فلا بد من تقديره بالوزن، أو الكيل
(١) هذا الذي قاله البغوي ضعيف وينبغي أن يقال: إن غلب على الظن حصول ضرر بسبب الخوف وإن عذراً وإلا فلا ولا يتجه غير هذا التفصيل. (ينظر الروضة ٤/ ٢٧٦)