للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استتباعه الآخَرَ ثَلاثةُ أوْجُهٍ: أصحُّهُما: أن واحداً منهما لا يستتبع الآخر؛ لأنَّهما منفعتان بجواز إفْراد كلِّ واحدة منهما بالإجَارة، فاشبهتا سائر المنَافع.

والثاني: أنَّ كلَّ واحدٍ منهما يستتبع الآخرَ؛ لأنه لا تتولاَّهما في العادة إلاَّ امرأةٌ واحدةٌ.

والثالث: ويُحْكَى عن اختيار القاضي الحُسَيْن أنَّ الاستئجار للإرْضاع يستتبع الحضانة، والحضَانَةُ لا تستتبع الإرْضَاع؛ لأنَّه الإجارة تعْقَد للمنافعٍ دُون الأعْيَان. فلو لم يستتَبع الإرْضَاع للحضانة لتجرَّد اللبن مقصوداً، ويجوز أن يُمْنَع تجَرُّده مقصوداً؛ لما سبق أنَّ المستحقَّ بالآستئجار للارْضاع عينٌ ومنفعة.

فإن قلنا: إنَّ الإستئجار لأحدِهِما يَستْتبع الآخر، أو استأجر لهما صريحاً، فانقطع اللبن، ففيه ثلاثةُ أَوجهٍ مبنيَّةٍ عَلى ثلاثةِ أوجُهٍ في أن المعقود علَيْه في هذه الإجَارَة ماذا؟ أحدها: أن المَعْقُودَ عَليْه اللَّبن؛ لأنه أشدُّ مقصوداً، والحضانة متابعةٌ، فعلى هذا ينْفَسِخ العقْد عنْد إنقطاع اللَّبَن. والثاني: أن المعقُودَ عليه الحضانةُ، واللَّبَن تابعٌ؛ لأن الإجارة وُضِعَت للمنافع، والأعيان تقع تابعةً؛ فعلى هذا لا ينْفَسِخ مَنْ العقْد، لكنْ للمستأجر الخيارُ؛ لأنَّ انقطاع اللَّبَن عيْبٌ كما لو استأجر طاحونةَ، فانقطع ماؤها، وأصحُّهما أنَّ المعقود علَيْه وكلاهما لأنَّهما جميعاً مقصودَانِ؛ فعلَى هذا ينفسخ العقْدُ في الإرْضَاع، ويسقط قِسْطُه من الأجرة، وفي الحَضَانة قَوْلاً تفريقِ الصَّفْقة، ولم يفْرِقُوا في حكاية الأوْجه أن يصلاح بالجمع بينْهَما وبين أن يذكر أحدهما، ويحكم باستتباعه للآخَرِ وحَسنٌ أن يفرَّق، فَيُقَالُ: إذا صَرَّح بالجمع بينهما، قطَعْنا بأنَّهما مقصودَانِ من العَقد، وإذا ذكر أحدهما، فهو المقصودُ، والآخرُ تابعٌ، وعلى المرضِعَة أن تأكل وتشْرَب ما يدرُّ به اللَّبَن، وللمكتري أن يكلِّفها ذلك.

الثانية: إذا استأجر وَرَّاقاً، فعلى مَنِ الحِبْرُ؟ يحصُلُ فيه ما ذكره الأئمَّة ثلاثةُ طُرُقُ.

أشبهها: أنَّ الرجوع فيه إلى العادة، فإنِ اضطربَتِ العادةُ، وجب البيان وإلاَّ، فيبطل العقد. وأشهرهما: القطْعُ بأنَّه لا يجبُ على الورَّاق؛ لأن الأعيان لا تُستَحَقُّ بالإجارة، وأمْرُ اللَّبَن كان على خلافِ القياس للضَّرورة، فإنَّ إفراده بالبَيْع قبل الحلْب ممتنعٌ، وبعده لا يصلح للطِّفْل.

وثالثها: أنه على الخلاف في أنَّ اللبن، هل يتبع الاستئْجار للحَضَانة؟ فهذا أوجَبْناه على الورَّاق (١)، فهو كاللبن في أنَّه لا يجبُ تقْديرُه، وإن صرح باشتراطه عليه، كما لو


(١) أي: الناسخ، وفي الصحاح للجوهري أنه الذي يورق ويكتب، أما بَيَّاعُ الورق: فيقال له كاغدي. ينظر الصحاح ٤/ ١٥٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>