للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قلْنا بالفساد، فعلى المُسْتَأْجر أجرةُ المِثْل للمدَّة، وفيما بعد المدَّة، الحكم على ما سنذكره فيما إذا أطْلَقا العقد، وإنْ أطْلَقَا العقْد، وسكتا عن شرْط القَلْع، والابْقَاء، فلفظ صاحب الكتاب (١) حيث قال: "فإن أطْلق، فهو كالزرع الذي (٢) يبقى ظاهر الاشعار بأنَّ صحَّة العقْد على وجهَيْن، كما إذا أُطْلِق الاستئجارُ لزراعة ما لا يُدْرَك في المدة، وإيراد الجمهورِ يُشير إلى القَطْع بالصحَّة، والصحيح الصَّحة؛ إذ لا اختلاف (٣) فيها، ثم يُنْظَر بعد المدَّة، فإن أمكن القَلْع والرفْع منْ غَيْر نقصان [الأرض] فعل، وإلا، فإن اختار المستأجِر القَلْعُ فله ذلك؛ لأنَّه ملكه، وإذا قلع، فهل عليه تسْوية الحَفْر وأرْشُ نقصان الأرض؟ فيه وجهان، حكاهما القاضي ابنُ كج، وغيره، وهما كالوجهَيْن فيما إذا رغب المستعير في القلْع عنْد رجوع المعير، وهل عليه التسوية؟ الأصحُّ المنصوصُ الوجوبُ؛ لتصرُّفه في أرض الغير بالقَلْع بعْد خروجها منْ يده، وتصرُّفه بغير إذْن المالك، وعلى هذا، فلو (٤) قلع قبل انقضاء المدَّة، فيلزمُه التَّسْوية؛ لأنَّ المالك لم يأذَنْ، أوْ لا يلزمه لبقاء الأرْضِ في يده وتصرُّفه؟ فيه وجهان:

أًصحُّهما: الأولُ.

وإن يختر (٥) المستأجر القلْعَ، فهل للمؤجِّر أن يقلعه مجَّاناً؟ فيه وجهان (٦)، نقلهما الإمامُ وصاحبُ الكتاب كما في صورة الزَّرْع:

أحدُهُما، وبه قال أبو حنيفة والمُزَنىُّ رضي الله عنهما أنَّ له ذلك؛ لأنَّ مدة استحقاق المَنْفعة قد انقضَتْ.

وأصحُّهما: وقطع به قاطعون: أنَّهُ لا يقلع مجَّاناً؛ لأنَّه بناءٌ محترمٌ , لم يَشْتَرطْ قلْعَه, وهذا كما ذكرْنا في العاريَّة المؤقَّتة, فإنَّ ظاهر المذْهَب فيها أن بناء المستعير لا يقْلع بعد المدَّة مجاناً.

ومن قال بالأوَّل فَرَق بأن فائدة التأقيت في الإعارة طلب الأجرة بعد المدَّة، وهاهنا الأُجْرَةُ لازمةٌ في المدَّة، فلا فائدة إلى القَلْع ولناصر الأصح أن يمنع قوله الفائدة في الإعارة طلبُ الأجْرَة بعد المدَّة، وأن الفائدة هاهنا القلْعُ لجواز أن يكُون الغرض في الصورتَيْن المَنْعَ من إحداث الغراسِ، والبناء بعد المدَّة، وأن يكونَ الغَرَضُ هاهنا العدول إلى أجرة المثْل بعْد المدَّة، وإن قلْنا: لا يقلع مجَّاناً، فالكلام في أنَّ المالِك


(١) في ز: بلفظ الكتاب.
(٢) في ز: التي.
(٣) في د: خلاف.
(٤) في ز: فإن.
(٥) في ز: يحسن.
(٦) عبارة النووي: فيه طريقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>