للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع في نفس المَحْمِل، وسائر توابعه المذكورة بأنها على المكتري، ولكن الأقْوَم ما في "تعليق" الشَّيخ أبي حامد وغيره، وهو رَدُّ الوجهَيْن إلى أنه شدّ أحدهما إلى الآخَرِ عَلى مَنْ؟ ففي وجْهٍ هو على المُكْتَرِي كالشَّدِّ على الحمل، وفي الثاني على المكري؛ لأنَّهُ إصلاحُ ملْكه (١)، وجميع ما ذكرناه فِيمَا إذا أطلقا العقْدَ.

أمَّا إذا قال: أكريتك هذه الدابَّة العاديَةَ بلا إكاف، ولا حِزَامٍ، ولا غيرهما، لم يَلْزمْهُ شيءٌ من الآلات.

الثانية: إذا اكْتَرى للحَمْل، فالوعاء الذي يَنْتَقِل فيه المحْمُول عَلَى المكْتَرِي، إن وردَتِ الإجارَةُ عَلَى عيْنِ الدابَّةُ، وعلى المكْرِي، إن وردت على الذِّمَّة، ووَجْه ذلك بأنَّها، إذا وردَتْ على العين، فليس علَيْه إلاَّ تسليمُ الدابَّة بالإكافِ، وما في معناه، وإذا كانت الذِّمَّة، فقد الْتزمَ النقْل، فليهيء أسبابه، والعادة مؤيدة له، وبدلْوُ والرِّشَاء في الأكثر للاستقاء؛ كالوعاء في الحَمْل. فيلزم المكري إنْ كانت الإجارة في الذمَّة.

وعن القاضي الحُسَيْن، أنه إن كان الرجُلُ معروفاً بالاستقاء بالآلات نفْسِه، لزمه الإتيان بها، وهذا يجب طرْدُه في الوعاء، ورأى الإمام في إجازة الذِّمَّة الفَرْقَ بين أن يلتزم العوض (٢) مطْلقاً، ولا يتعرض للدابَّة، فتكون الآلاتُ عَلْيه، وبين أن يتعرِّض لها بالوصْف، فحينئذ يتبع العادة، فإن اضطربت العادَةُ احتمل واحتمل؛ لأنَّ التعرُّض للدابة يُشْعِر بالاعتماد على الإتْيان بها، وإذا رأينا اتباع العادة، فاضطربت العادة، فهل يُشْترط التقييد (٣) لصحَّة العقد؟

أشار إِلَى خلافٍ فيه، والظاهرُ اشتراطه، ومؤنة الدليلِ والسائقِ، والبذرقة، وحفْظُ المتاع في المَنْزِل كالوعاء.

الثالثة: الطعامُ المحمُول، ليؤكلَ في الطريق كسَائِر المحمُولاَت في أنَّهُ لا بُدَّ من رؤْيَتَه، أو تقديره بالوَزْن. وعن ابن القَطَّان وغيرِه وجْهٌ أنَّهُ لا حاجة إلى تقديره، بل يُرَدّ الأمر فيه إلى العَادَةَ، ولا حاجة إِلى تقْدير ما يُؤكَل [منه] كلَّ يوم لصحَّة العقْد.

وفيه وجه أيضاً، وإذا قدرَّه وحَمَلَه، فإن شرط أنَّهُ يبدله كلما انتقَصَ، أو لا يبدّلهُ، اتَّبِع الشرْط، وإلا، فإنْ فَنِيَ بعضه أو كله بسرقة، أو تلف، فله الإبدال؛ كسائر المحمولات، وإن فَنِيَ بالأكل فإن فني الكلُّ، فكذلك.

وحَكَى الامامُ وجْهاً أنه لا يبْدل، فإنَّ المكتري إنما يحمله لِيُؤْكَل؛ لأن المكتري


(١) قال النووي: أصحهما: الأول وممن صححه صاحب البيان.
(٢) في ب: الغرض.
(٣) في د: التعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>