للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يجوز لإطلاق الخبر: "لاَ أُحِلُّ الْمَسْجِد لِجُنُب وَلاَ لِحَائِض".

وأصحهما: الجواز كالجنب، ومن على بدنه نجاسة لا يخاف معها التلويث وقوله في الكتاب: "فإن أمنت التَّلويث فالمكث محرم" ترتيب تحريم المكث على حالة الأمن ليس على سبيل التخصيص بها، بل هو في حالة الخوف أولى بالتحريم، لكن (الفرض) أنه لا خلاف في تحريمه في هذه الحالة، وإن كان العبور مختلفاً فيه، وفي ذكره الوجهين في العبور حالة (الأمن) ما يبين أنه أراد بقوله:

أولاً: العبور في المسجد حالة الخوف، أو أراد أنه ممتنع في الجملة إلى أن يبين التفصيل.

قال الغزالي: (الثَّالِثُ) الصَّوْمُ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْهَا وَبَجِبُ القَضَاءُ بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ.

قال الرافعي: ليس للحائض أن تصوم، لما روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" (١).

وهذا التحريم يبقى ما دامت ترى الدم فإذا انقطع وارتفع وإن لم تغتسل بعد بخلاف الاسْتِمْتَاع وما يفتقر إلى الطَّهارة فإن التحريم فيه مستمر إلى أن تغتسل ومما يرتفع تحريمه بانقطاع الدَّم الطلاق، وسقوط قضاء الصلاة أيضاً ينتهي بانقطاع الدم، ثم يجب على الحائض قضاء الصَّوم وإن لم يجب قضاء الصلاة.

روي أن معاذة العدوية قالت لعائشة -رضي الله عنها-: "مَا بَالُ الْحَائِض تَقْضِي الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِي الصَّلاةَ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّة أَنْتِ، كُنَّا نَدَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلاةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَقْضِيَ الصَّوْمَ وَلاَ نَقْضِي الصَّلاةَ" (٢). وذكروا في الفرق معنييِن:

أحدهما: أن قضاء الصوم لا يشق مشقة قَضَاء الصلاة؛ لأن غاية ما يفوتها بعض شهر رمضان ويهون قضاؤه في السَّنة بخلاف الصلاة فإنها تكثر وتكرر.

والثاني: أن أمر الصلاة لم يبن علي أن تؤخر ثم تقضي بل إما ألا تجب أصلاً، أو تجب بحيث لا تؤخر بالأعذار والصوم قد بترك بعذر السَّفَرِ والمرض ثم يقضي فكذلك يترك بالحَيْضِ ويقضي، فهل يقال بوجوب الصوم على الحَائِضِ في حال الحَيْضِ؟ فيه وجهان:

فمن قائل: نعم، ولولاه لما وجب القضاء كالصلاة ومن قائل لا فإنها ممنوعة منه والمنع والوجوب لا يَجْتَمِعَانِ.


(١) متفق عليه، وقد تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢١) ومسلم (٣٣٥) وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>