وقد وجه الجمهور ما ذهبوا إليه من عدم تحديد المدة إلا بما تبقى فيه العين المستأجرة غالباً، بأن عقد الإجارة لازم لا ينفسخ بموت العاقدين أو أحدهما مع سلامة العين المؤجرة، وقد أعطاهما العقد حسن الانتفاع بما صار إليهما، فالمؤجر بالأجرة، والمستأجر بالعين، وما ثبت لهما من الحقوق يورث عنهما، فلا مانع من إطالة المدة، ولو لم يعن المتعاقدان إليها ما دامت العين تبقى فيها غالباً. فإن قيل: إن الحنفية يقولون بانفساخ الإجارة بموت أحد العاقدين فكان عليهم أن يقولوا بما قال به الظاهرية عن التحديد بمدة يعين إليها العاقدان. قلنا: لعلهم يلاحظون أن التقييد بالمدة يجعل العقد كأن عُقُودٌ ثمرة متعددة بتعدد المدة، فطرقها لا يؤثر، إذ غايته أن تبطل في المدة الزائدة، فلو أجر داراً مائة سَنَةٍ، فالإجارة صحيحة في المدة التي يعيشان إليها، فهذا مات أحدهما انفسخت، فلا داعي لإبطالها ابتداء.