للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملكه ثم طرأ ما يُزِيلُ المُلْكَ، فأشْبَه ما إذا أجَّر، ثم مات.

وعن صاحب "التقْريب" وَجْةٌ آخَرُ. إنَّهَا تنْفَسِخ كما إذا مات البطْنُ الأوَّل، وإذا قلْنا بالصحيح، فهل له الخيارُ، إذا أعتق؟ فيه وجهان:

أَحَدُهُمَا: نعم، كما لو أُعْتِقَتِ الأمَةُ تحت الزَّوْج الرَّقيق.

وأَصَحُّهُمَا: لا؛ لأنَّه تصرَّف لنفسه في خالِصِ مِلْكه، فلا وجْهِ للاعتراض علَيْه، وهذا هو المذكورُ في الكتاب، وعلَى هذا، ففي رجُوعه على السَّيِّد بأُجْرةِ المِثْل للمدَّة الواقِعَة بعْد العتْق وجهان في رواية بعْضهم، وقولان في رواية آخرين:

أَحَدُهُمَا: يرجع؛ لأن المنافع تُسْتَوْفَى منْه بسببٍ من جهة السَّيِّد قَهْرًا فصار كما لو أكْرَهَهُ على العمل.

وأصحّهما، وهو الجديد في روايةِ مَنْ جعَلَهُما قولَيْن: أنه لا يرجع؛ لأنَّه تصرَّف في منافعه حين كانَتْ مستحَقَّةً له بعَقْدٍ لازم، فصار كما لو زوَّج أمته، واستقَرَّ مَهْرُها بالدُّخُول، ثم أعْتَقَها لا يرجع بشيْءٍ، لما يستوفيه الزَّوْج بعد العتق، فإِن قلْنا: يرجع، فنفقتُهُ في تلْك المدَّة على نَفْسِه؛ لأنه مالِكٌ لمنفعته، وإذا قلْنا: لا يرجع، فوجهان:

أحدهما: أنهَّا على السَّيِّد لإدامته الحَبْسَ عليه، ولأنَّه كالباقى علَى ملكه من حيثُ إنَّ منافعه له.

وأشْبَهُهما: أنَّها في بيْتِ المَالِ؛ لأنَّ السيِّد قد زال مِلْكُه عنه، وهو عاجزٌ علَى تعهُّد نفْسه (١). وإذا ظهر بالعبْد عيْبٌ بعد العتق، وفسخ المستأجر الإجارة، فالمنافِعُ للعتيق (٢) إنْ قلنا برجوعه على السَّيِّد بأجرة المِثْل، وإلاَّ، فهو له أو للسَّيِّد؟ فيه وجهان (٣).

ولو أجَّر عبده، ومات، وأعتقه الوارثُ في المدة، ففي انفساخ الإجَارَةِ ما سبَقَ منه الخِلاَف، لكن إذا قلْنا بعدم الانفساخ، فلا خلافَ هاهنا في أنه لا يرجِعُ على المُعْتق ههنا بشيْء.

ولو أجر أم ولده ومات في المدة عَتَقَتْ وفي بُطْلاَن الإِجَارَةِ الخلافُ المذكُور فيما إذا أجَّر البطْنَ الأوَّل، ومات، وكذا الحكم في إجارة المعلَّق عتقُهُ بصفةِ (٤).


(١) قال النووي: فإن قلنا: النفقة على السيد، فوجهان. أحدهما: تجب بالغة ما بلغت، وأحدهما: يجب أقل الأمرين من أجرة مثله وكفايته.
(٢) في ب: للمعتق.
(٣) قال النووي: الأصح كونها للعتيق.
(٤) في ز: على صفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>