للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "التتمة" أنَّه إذا قال: على قبيلتي أو عشيرَتِي، لم يدخُلْ فيه إلاَّ قرابةُ الأبِ، ثم إذا كانُوا غير محصُورِينَ في العادَةِ، فقد سبَق حكايةُ الخلافِ فيه. والحادِثُون بعْد الوقْف يشاركون الموْجُودين عند الوَقْف.

وعنِ البُوَيْطِيِّ مَنْعُهُ، وُيرْعَى شرط الواقِف في الأقْدار وصفات المستحِقِّين، وزمان الاستحقاق، فلو وقَفَ على أولاده وشرط التَّسْوية، وتفضيل الذكْر على الأنْثَى كما في الميراث، أو بالعَكْس أو لتسوية، اتُّبع شرْطُه، وكذا لو وقَف على العُلَماء بشرط أن يكونوا عَلَى مذْهب كذا، أو على الفُقَراء بشَرْط الغُرْبة (١) أو الشَّيْخُوخة.

ولو قال: وقَفْتُ عَلَى بني الفقراء، أو عَلَى بناتِي الأَرَامِل، فمَنِ استغْنَى منهم، وتزوَّج منْهنَّ، خرج عن الاستحقاق، فإذا عاد فقيراً، أو طلَّقها زوْجُها، عاد الاستحقاق (٢). وفي "الزيادات" للعبَّادِيِّ أنَّهُ لو وقف على أمهاتِ أَوْلاَده إلاَّ من تتزوَّج منْهن، فتزوجت، خرجَتْ، ولا يعود [على] الاستحقاق إذا طُلِّقَتْ، وُيشْبِه أنْ يُقَال: ليْسَ هذا وجْهاً مُخَالِفًا للأوَّل، وُيفْرَق بينهما، إمَّا من جهة اللفظ بأنَّ هناكَ أثبت الاستحقاق لبناتِهِ، إذا كنَّ أراملَ، وإذا طُلِّقَت، حصلت الصفة، وههنا أثبت الاستحقاق لها إلاَّ أن تتزوَّجَ، وهذه، طُلِّقَتْ، صَدق عليها أنَّها تزوَّجت.

وإمَّا من جهة المعنى، فإن غرض الواقف ههنا، إنَّ بقيَ له أمهاتُ أولاده ولا يختلف عليهنَّ غيره، فمنْ تزوَّجَتْ منْهِنِ، لم تكُنْ وافيةً، طُلِّقَتْ أو لم تُطَلَّقْ.

ولو شَرَطَ صرْفَ غلَّة السنة الأُولَى: إلى قوم، وغلة السنة الثانية إلَى آخرين، وهكذا ما بَقُوا، اتُّبعَ شرْطُه. ولو قال: وقَفْتُ عَلَى أولادِي، فإذا انقرضَ أوْلاَدِي، وأولادِ أوْلاَدِي، فعلى الفُقَراء، فهذا وقْفٌ منقطِعُ الوسَط؛ لأنَّه لم يَجْعَلْ لأولاد الأولاد شيئاً، وإنَّما شرَطَ انقراضَهُم؛ لاستحقاق الفقراء، وفيه وجه: أنَّهُمْ يستحقُّون بعد انقراض أولادِ الصَّلْب؛ لأن اشتراط انقراضِهِمْ يشعر بإثبات الاستحقاق لهم.

ولو وقَف عَلَى بنيه الأربعة على أنَّ مَنْ مات منهم، وله عَقِبٌ، فنصيبه لعقبه، ومَنْ مات، ولا عَقِبَ له، فنصيبُهُ لسائر أرباب الوَقْف، ثم مات أَحَدُهم عن ابنٍ وآخر عن ابنين، وثالث، ولا عَقِبَ له، فيُجْعَل نصيب الثالث بيْن الرَّابع وابن الأول وابني الثاني بالسَّوِيَّة.


(١) في ب: القربة.
(٢) قال النووي: ولم أر لأصحابنا تعرضاً لاستحقاقها في حال العدة وينبغي أن يقال: إن كان الطلاق بائناً أو فارقت بفسخ أو وفاة، استحقت؛ لأنها ليست بزوجة في زمن العدة وإن كان رجعياً، فلا، لأنها زوجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>