للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ علَيْه حِفْظَ الصبيِّ عن مثله. قال صاحبُ "التهذيب": ثم يُعرّف التالِف، وبعد التَّعْرِيف يتملَّك الصبيُّ، إن كان النَّظَرُ فيه، ويُشْبِهُ أنْ يَكُونَ هَذا فيمَا إذا فرضه قبْض منْ جهة القاضي؛ ليصيرَ المقبوضُ مِلْكاً للمُلْتَقِطِ، أو إفْرازاً من جهة الوليِّ.

إذا قلْنا: إنَّ من الْتَقَطَ شَاةً، وأَكَلَهَا يفرز بنفسه قيمتها مِنْ ماله، وسيأْتِي ذلك، إن شاء الله تعالى. أمَّا الضَّمانُ في الذِّمَّةِ، فلا يمكنُ تملُّكُهَا للصبيِّ.

وإنْ قلْنا: لا يَصِحُّ التقاطُ الصَّبِيِّ، فلو الْتَقَطَ، وتَلِفَت اللُّقَطَةُ في يدِهِ، أو أتْلَفَها، وَجَبَ الضَّمانُ في مالِهِ، وليْسَ للوليِّ أنْ يُقِرَّهَا في يدِه، ولكنْ يسعَى في انتزاعِها من يده، فإن أمكنه رفْعُ الأمرِ إلى القاضي، فَعَل، وإذا انتزعَ القاضي (١) المغْصُوبَ من الغاصِبِ، وأَوْلَى بحُصُولِ البراءة؛ نَظَراً للطفل، وإن لم يمكنه رَفْعُ الأَمْر إلى القَاضِي، أخَذَه بنفسِهِ، وتُبْنَى براءةُ الصبي عن الضمان علَى الخلافِ في بَرَاءَةِ الغَاصِب بأخْذ الآحَادِ، فإن لم تَحْصُلِ البَرَاءَةُ، ففائدةُ الأَخْذِ صَوْنُ عين المال عَنِ التَّضْييع والإتْلاَف.

قال في "التتَّمِة": وإذا أَخَذَهُ الوَلِيُّ، فإنْ أمكَنَهُ التَّسْليمُ إلى القَاضِي، فلم يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ، فعلَيْه الضَّمانُ، وإنْ لم يُمْكِنْهُ، فقرارُ الضَّمانِ على الصبيِّ، وفي كوْنِه الوَليّ طَرِيقاً وجهان، وهذا إذا أخَذَ الوَلِيَّ لا عَلَى قَصْد الالتقاط، أمَّا إذا قَصَدَ ابتداءَ الالتقاطِ، ففيه وجهان، وليَكُونَا كالخلاف في الأخْذِ مِنَ العَبْد عَلَى هذا القصْد، إذا لم نُصحِّح التقاطَهُ، ولو قصَّرَ الوليُّ، وتركَ المالَ في يده، ففي "التتمة" أنَّه لا ضمانَ عليه، إذا تَلِفَ؛ لأنَّهُ لم يَحْصُلْ في يدِه، ولا حَقَّ للصَّبيِّ فيه، حتى يلزمَهُ الحِفْظُ له، بخلاف ما إذا فرَّعْنَا على القوْل الأوَّل، وخَصَّصَ في "النهاية" هذا الجَوَابَ بما إذَا قُلْنا: إنَّ أخْذَهُ لا يُبْرِئُ الصَّبيِّ. أمَّا إذا قُلْنا: إنَّه يُبَرِّئُهُ، فعلَيْه الضمانُ، لإبقائه الطِّفْلَ في وَرْطةِ الضمانِ، ويجوزُ أن يضمَن. وإن قلْنا: إنّ أَخْذَه لا يُبْرِئُ الصَّبيَّ؛ لأنَّ المَالَ في يَدِ الصَّبِيِّ عُرضَةُ الضَّيَاعِ، فمن حقِّه أن يَصُونَهُ.

والمجنونُ كالصبيِّ في الالتقاط، وكذلك المَحْجُورُ علَيْه بالسَّفَهِ إلاَّ أنَّهُ يَصِحُّ تعريفُهُ، ولا يصحُ تعريف الصَّبيِّ والمجْنُونِ (٢).


(١) في ز: زيادة قوله: ففي براءة الصبي عن الضمان على ما حكاه الإمام الخلاف المذكور في انتزاع القاضي.
(٢) فيه أمران: أحدهما: مراده بصحة تعريفه حيث فوض له الولي، ومع ذلك فيه وجهان حكاهما صاحب الحلية وأشار ابن داود وصاحب التتمة إلى أنهما مخرجان من القولين في الفاسق هل ينفرد بالتعريف.
الثاني: أن السفيه مخالف الصبي في هذه الصورة خاصة تابع فيه القاضي والمتولي، وليس كذلك بل يتخالفان في صور: منها في اختيار التملك، فإن له التملك دون الولي بعد اجتهاد =

<<  <  ج: ص:  >  >>