للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني: ادَّعَاهَا اثْنَان، وأقام كُلُّ واحدٍ بيِّنةً على أنَّها له، ففيه أقوالُ التعارُضُ (١).

الجملةُ الثانيَةُ: إذا ظَهَر المالِكُ قبل تملّك الملْتَقِطِ، أخَذ اللُّقَطَة بزوائِدِهَا المتَّصلة والمُنْفَصِلَةِ، وإنْ ظهَر بعْد التملُّكِ، فَلِلُّقَطَةِ حالتان (٢):

الحالةُ الأولى: أن تكونَ باقيةً عنْده، فيُنْظَر، إن بَقِيَتْ بحالها، فوجهان:

أحدهما (٣): أنَّ له أخْذَهَا، ولَيْسَ للملتقِطِ أن يُلْزِمَهُ أخْذَ بدَلِها.

والثاني: المَنْعُ، ولا شَكَّ في أنَّه، إذا رَدَّها المْتَقِطُ، وجَبَ على المالِكِ القَبُولُ، وهذا من الجانِبَيْنِ كما سَبَق في القَرْض. وإذا قلْنا بالأظهر، فلو باعَهَا الملتقِطُ بشَرْط الخيار، ثم جاءَ مالِكُها، حَكَى صاحبُ "المعتمد" وجهَيْنِ في أنَّهُ، هل يُفْسَخُ العَقْدُ (٤)، ووَجَّهَ المنْع بأنَّ الفسخَ حقُّ العاقدِ، فلا يتمكَّنُ غيرُهُ منْه بغَيْر إذْنِهِ.

ورَدَّ القاضي ابن كجّ الوجْهَيْن إلَى أنَّهُ، له يُجْبَرُ الملتقطُ على الفَسْخُ؟ ويجوزُ فرْضُ الوجهَيْن في الانْفِسَاخ، كالوجْهَيْن فيما إذا باع العَدْلُ الرَّهْنَ بثَمَنِ المِثْلِ، فظَهَر طالبٌ [في مجلس العقْدِ] بزيادةٍ، وإن حَدَثَتْ في اللُّقْطَةِ زيادةٌ، فالمتَّصِلُ يتبعهُا، والمنفصلُ يُسَلَّم للملتقط، فيردّ الأصل. وإن نقَصَتْ بعَيْب أو نحوه. وقلْنا: إنَّها، لو بَقِيَتْ بحالها، لم تَكُنْ للمالِك أخْذُهَا، رجَعَ إلَى بدلها سليمةً. وإن قلْنا: له أن يَأخُذَهَا، فكذلك ههنا وُيغَرِّمُهُ الأَرْشَ؛ لأنَّ الكُلَّ مضمونٌ علَيْه لو تَلِفَ، فكذلك البعْضُ، وفيه وجه؛ أنَّهُ يقنع بها، ولا يغرمه الأرْش، وهو الذي أوْرَدَه في "التهذيب"، ولو أراد الرُّجُوعَ إلَى بدلها، وقال الملْتَقِطُ: أضم إليها الأرش وأرُدُّها، فوجهان:


(١) سكت عما إذا وصفاها الوصف المعتبر وادعى كل واحد أنها له وحده، وحينئذ أن يكون كتعارض البينتين وطريق دفع الخصومة عنه بأن يقول هي لأحدكما ولا أعرفه فيجيء فيه ما في العين في يده إذا قال: هذا لمن ادعاها.
(٢) سكت عما لو يطلبها المالك هل يجب عليه الرد، قال ابن كج هنا في التجريد: إذا عرف صاحبها، فإن كان صاحبها لا يعلم أنها عنده وجب عليه حملها إليه، وإذا كان يعلم أنها عنده فهل يجب عليه حملها وجهان. انتهى.
والمتجه وجوب الإعلام وبه جزم الماوردي فقال: إذا عرف صاحبها لزمه إعلامه بها، فإن كان قبل تملكها فمؤنة ردها على مالكها وإلا فعلى الواجد.
(٣) في ب: أظهرهما.
(٤) لم يرجح فيها شيء، وصحح صاحب الانتصار أن له الفسخ لأنه إنما يكون للعاقد، ونقل عن شيخه الفارقي إذا قلنا: لا يجوز له الفسخ فطلب من الملتقط الفسخ فلم يفسخ أخذ منه البدل؛ لأنه بالبيع صارت العين كالتالفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>