للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالمُكَّاتَبْ إذَا التَقَطَ بِغَيرِ إذْنِ السَيِدِ انتُزعَ أَيضاً من يَدهِ، وإنْ التَقَطَ بإذْنِهِ جَاءَ فيهِ الخِلاَّفُ في تَبَرُعَاتِهِ بالإذْنِ، لكنَّ الظاهرِ المَنعِ لأنَّ حَقَ الحَضَانَةِ ولاَيَةٌ، وَلَيسَ المكَاتَبُ من أهْلِ الولاَياتِ.

وقولُهُ في الكِتَابِ: "فإنْ أذُنَ السَيدُ فَهُوَ الملتَقِطُ" ظَاهِرٌ، في العَبْدِ، فإنْ رَجَعَ إلَى المُكاتَب -أيضًا- فَهُوَ مَفروضٌ فِيمَّا لو قَالَ: التَقَطُتُه لي، ويشبِه أن يكون على الوجهين في التوكيل بالاصطياد.

وأمَّا إذا قَالَ التَقطته لِنفْسِكَ، فَفيهِ مَا سَبَقَ.

وذُكِرَ في "المعتمد" وجهَين: فِيمَّن نصفُهُ حر ونصفُهُ عبد إذَا التَقَطَ في يوم نَفسِهِ، هَلْ يستحِقُ الكفَالَةَ (١)؟

والثَالِثُ: الإسْلاَمْ، فالكَافِرُ يلتَقِط الصبي الكافرَ دُونَ المُسْلِم؟ لأنَّهُ نوعٌ ولايةٍ وتَسلْطِ، وللمُسلِم التقَاطُ الصبي المحكومِ بكُفْرِهِ، وسَتَعْرِف أنَّ اللَقيطَ مَتى يُحكَمْ له بالإسْلاَم ومتَى لا يُحكَمْ لهُ؟

والرابع: العَدَالَةُ، فليس للفاسِقِ الالتِقَاطُ (٢)، ولَو التَقَطَ انتُزعَ مِنهُ، فإنَّهُ غَيُر مؤتمن شَرعاً، ويُخَافُ مِنْهُ الاسترقاق وسوءُ التَربيةِ، ويخالِف اللُقَطَةَ حيثُ تقر في يدهِ على رأي؛ لأنَّ فِيهَا معنَى الأكساب، ولا يَحتاجُ إلَى ردِهِ إليهِ بعدَ التَعريفِ للملِكِ، فجازَ أنْ يُتْرَك في يدهِ بشرط الاحتيَاطِ. ومن ظاهر حاله الأمانة، إلاَّ أنَّه لم يختبر فلا يُنْزَعُ من يده، لكن يوَكَل به الإمامُ يُراقِبهُ من حيث لا يَدْرِي كيلا يتأذى، فإذا وثَقَ به صار كمعلوم العدالة، وقبل ذلك لو أراد المسافرة به مُنِع وانْتُزِعَ منه؛ لأنَّه لا يؤمن أن يسترقه، وأن يكونَ إظهاره العدالةَ لمثل هذا الغرضِ الفاسدِ.

واعلم أنَّ الشافعيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال في المختصر: "وإنَّ أراد الذي التقَطه


(١) قال في الخادم: فيه أمران:
أحدهما: تابع النووي والرافعي على عدم الترجيح وصحح الروياني. المنع وهو الظاهر، وقد جزم الرافعي والنووي في باب الحضانة أن المعتق بعضها لا حضانة لها، وخالف اللقطة فإنها إكساب، وهذه ولاية ويجوز أن يكونا مبنيين على أن الاكساب والمؤن النادرة هل تدخل في المهاياة ونحوه أن يكونا مع القول بدخولها لنقصه بالرق.
الثاني: سكت عما إذا لم يكن بينهما مهاياة وقد تعرض له الماوردي وقال: إنه كالقن، لا يكون له حق ما لم يأذن له المالك لرقه.
(٢) قال في الخادم: قضيته الامتناع في حق المستور، لكن ذكر بعد ذلك بقليل أن من كان ظاهر حاله العدالة إلا أنه لم يُختبر لا ينزع من يده إلى آخر ما ذكره، وقد ذكر النووي فيما بعد أن من ظهرت عدالته بالاختبار يقدم على المستور على الأصح، ومقابل الأصح أنهما سواء كما ذكره الرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>