للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلِهَا في انتقاض عِدَّةِ الوَفَاةِ لا يُلْحِقُ ضرراً بالغَيْرِ، وفيه وجْةٌ. أَنَّها يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ الوَفَاةِ (١) أصلاً؛ لأنَّها تَزْعُمُ بُطْلاَنَ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ، وقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ، فَلا مَعْنَى لمراعَاةِ جانِبِهِ بخلافِ عِدَّةِ الطَّلاقِ، فَعَلَى هَذا، فَإنْ جَرَى دُخُولَ، فَعَلَيْهَا الاسْتِبْرَاءُ.

قَالَ الإمَامُ: والقَوْلُ في أنَّه بقُرْءٍ واحِدٍ أو قرءين عَلَى مَا سَبَقَ في التفْريع على القَوْلِ الأوَّلِ، فإنْ لَمْ يَجْر، فَلَهُ احْتِمَالاَنِ:

أحَدُهُما: أنَّها تستبرئُ بقُرْءٍ، كما إذا اشتريتَ من أمرَأة أو مجبوب.

والثاني: أنه لا استبراءَ أصْلاً؛ لأنَّا كُنَّا نَحْكُمُ بالنِّكَاحِ لِحَقَّ الزَّوْجِ، قدِ انْقَطَعَتْ حُقُوقُهُ، وَهِيَ والمُقَرُّ لَهُ يَقُولاَنِ: لا نِكَاحَ وَلاَ دُخُولَ، فهم الاستبراءُ، إنْ وُطِئَتْ، ولْيُعْلَم قولَه "فَعَلَيْها ثَلاثَةُ أَقْرَاءٍ" بالواو.

والثاني: هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الكِتَاب؛ حيثُ قَالَ: وقِيلَ: إنَّه لا يَلْزَمُهَا الاسْتِبْرَاءُ، إنْ وُطِئَتْ، ولْيُعْلَمْ قولَهُ "فَعَلَيْهَا ثَلاثَهُ أَقْرَاءٍ" بالواو؛ لمَا قَدَّمْنا، هذا تَمَامُ الكَلاَمِ في هذا الطَّرِيقِ.

أمَّا إذَا كانَ اللَّقِيطُ ذَكَراً، فَبَلغَ وَنَكَحَ، ثُمَّ أقَرَّ بالرِّقِّ، فإنْ قَبِلْنا إقْرَارَهُ مُطْلقاً، فنكاحُهُ فَاسِدٌ؛ لأنَّه عبْدٌ نَكَحَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فُيَفَرَقُ بَيْنَهُمَا، ولا مَهْرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ.

وإنْ كَانَ قَد دَخَلَ بها، فعلَيْهِ مهْرُ المِثْلِ، كذلكَ جَوَابُ الأكْثَرِينَ، والَّذِي أَوْرَدَهُ في "المهذَّب"، وأبْدَاهُ الإمَامُ احتمالاً أنَّ عَلَيْهِ الأقَلَّ من مَهْرِ المِثْلِ أَوِ المسمَّى؛ لأنَّه، إنْ كانَ المسمَّى أقلَّ، فهِيَ لا تَدَّعِيَ الزيادَةَ، ثمَّ متعلَّقُ الواجِبُ ذِمَّتَهُ أَوْ رقبته؟ فيه قولاَن:

أصحُّهما: الأول، وإنْ قَبِلْنا إقْرَارَهُ فيما يَضُرُّ بِهِ دُونَ ما يَضُرُّ بغَيْرِهِ، حَكَمْنَا بانْفِساخ النِّكَاحِ، ولَمْ نَقْبَل قولَهُ فِي المَهْرِ، فعَلَيْهِ نصْفُ المُسَمَّى، إنْ لَمْ يَدْخُلْ بها، وجَمِيعُهُ، إنْ دَخَلَ، وُيؤَدِّي ذَلِكَ ممَّا في يَدِهِ أو مِنْ كَسْبِهِ في الحالِ أو المُسْتَقْبَلِ، فإنْ لم يوجد، فهو في ذِمَّتِهِ إلَى أنْ يَعْتِقَ.

ومن فُرُوعِ القَوْلَيْنِ: إذَا كانَتْ عَليْه دُيُونٌ وقْتَ الإقْرار بالرِّقِّ، وفي يَدِهِ أمْوالٌ، فإنْ قَبِلنَا إقرارَهُ مُطْلقاً، فالأموالُ يُسَلَّم لِلمُقَرِّ لَهُ، والديونُ في ذِمَّتِهِ.

وإن قَبْلنَاه فيما يَضُرُّ به دُونَ ما يَضُرُّ بغيرِهِ، قَضَيْنا الدُّيونَ ممَّا في يدِه، فَإنَّ فَضَلَ من المالِ شَيْءٌ فَهُوَ لِلمُقَرِّ لَهُ، وإنْ بَقِيَ مِنَ الدُّيُونِ شَيْءٌ، فهو في ذِمَّتِهِ حتَّى يَعْتِقَ.

ومنها: إذَا بَاعَ أو اشْتَرَى بَعْدَ البُلُوغِ ثم أَقَرَّ بالرِّقِّ، فإنْ قَبِلْنَا الإقْرَارَ مُطْلقاً فالبَيْعُ


(١) سقط من: د.

<<  <  ج: ص:  >  >>