للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَثْبُتُ بِسَبَبٍ ونَسَبٍ، فالنَّسَبُ: القرابَةُ، والسَّبَبُ: إمَّا خاصٌ، وهو النِّكاحُ والإعْتاقُ، وإمَّا عامٌّ، وهُوَ الإِسْلاَمُ، هَذَا ما أوْرَدَهُ في الكتاب، وهؤلاءِ يَعْنُونَ بالسَّبَب ما سِوَى النَّسَب من وُجوهِ الإرْثِ، وإلاَّ فالنَّسَبُ أَحَدُ أسْبابِ الإرْثِ، وأحَدُ وجُوهِ الَوصلَةِ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ، فَيَكُونُ داخلاً في السَّبَبِ دُخُولَ الخصوصِ في العُمُومِ، فلا يَنْتَظِمُ التَّقْسِيمُ.

وقولُهُ في الكِتَاب: (إمَّا عامٌّ كجهةِ الإسْلاَمِ) يجُوزُ أن يُعْلَمَ بالحَاء والأَلفِ والواوَ، لِما تَقَدَّم، وَلَوْ قال: "وهو جِهَةُ الإِسْلاَمِ" لكانَ أحْسَنَ؛ لأنَّ الكَافَ للتَّمْثِيلِ؛ وليس هاهُنَا سَبَبٌ عامٌّ سِوَى الإسْلاَمِ.

وذَكَرَ صاحبُ "التَّتِمَّةِ" تفريعاً على الخلافِ في أنَّهُ موضُوعٌ في بَيْتِ المالِ إرْثاً أم على سَبِيلِ المصْلَحةِ؟ أَنَّا إذَا جَعَلْناهُ إرْثاً، لم يَجُرْ صَرْفُهُ إلَى المكَاتَبِينَ، ولا إلَى الكُفَّارِ، وفي جَوازِ صرفِه إلَى القاتِلِ وجهان:

وجه الجواز أَنَّ تُهْمَةَ الاسْتِعْجَالِ لا تَتَحَقَّق هَاهُنَا؛ لأنَّه لا يتعيَّنُ مَصْرِفاً لمالِهِ (١).

وفِي جواز صَرْفِهِ إلَى من أوصَى له بشَيء وجْهَانِ:

فَفِي وَجْهِ لئلا يُجْمَعُ بين الوَصِيَّةِ والأرْثِ، ويخيَّر بَيْنَهُمَا.

وفي وَجْهٍ: يجوز (٢) بخلافِ الوَارِثِ المُعَيِّنِ؛ لأنَّه أَغْنَاهُ بِوَصِيَةَ الشَّرْعِ بقَوْلِهِ تَعالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء:١١] عن وَصِيَّةِ غَيْرِهِ.

ويجوزُ علَى الوجْهَيْنِ تخصيصُ طائفةٍ منَ المُسْلِمِينَ بهِ، ووجْهُهُ: بأنَّه استحقاقٌ بصفةٍ وهي أُخُوَّة الإسْلام، فَصَارَ، كما لَو أوصَى بثلثهِ لَقَوْمٍ موصُوفِين لا يَجِبُ استِيعابُهُمْ، وكَذَلِكَ، يَجُوزُ (٣) أنْ يُصْرَفَ إلَى مَن وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ، أو كَانَ كافرًا فأسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ، أوْ رَقِيقاً، فَعَتَق (٤).


(١) قال النووي: الأصح أو للصحيح: المنع والله أعلم.
(٢) قال النووي: الأصح الجواز والله أعلم.
(٣) في ز: لا يجوز.
(٤) قال النووي في زياداته: قد ضم صاحب "التلخيص" إلى هذه الأسباب الأربعة سبباً خامساً، وهو سبب النكاح، وهو غير النكاح، وذلك في المبتوتة في مرض الموت إذا قلنا بالقديم: إنها ترث. والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني: قوله "ويجوز صرفه إلى من ولد بعد موته" إلى آخره عطفاً على ما لا خلاف فيه وكذلك يقتضيه كلام النووي في الروضة. وكل ذلك مخالف لما ذكره الروياني في البحر عن الأصحاب حيث قال: فرع إذا صرف المال إلى المسلمين ميراثاً يرثه من كان موجوداً عند وفاته دون من يولد بعد وفاته يصرفه الإمام إلى الموجودين على ما يراه من المصلحة، ويكون الذكر والأُنثى فيه سواء؛ لأنهما تساويا في جهة الاستحقاق، وهي الموالاة في الدين، كما قلنا: في =

<<  <  ج: ص:  >  >>