للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذَا اجْتَمَعَ أوْلاَدُ الصُّلْب وأولادَ الابْنِ، إِمَّا مِنْ ابْنٍ واحدٍ، أو مِنْ ابْنَينِ فصاعداً، فإمَّا أنْ يَكُونَ فِي أولادِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ، فَلاَ شَيْءَ لأولادِ الابْن، بل يحْجُبُهُمْ لقُرْبِهِ، أو لاَ يَكُونَ، فَوَلَدُ الصُّلْبِ، إمَّا بنْتٌ وَاحِدَةٌ أو أَكْثَرُ، وإن لمْ يَكن إلاَّ بنتٌ وَاحِدَةٌ، فَلَهَا النِّصْفُ، ثُمَّ يُنْظَرَ: فإنْ كَانَ وَلَدُ الابْنِ ذَكرًا، فَالبَاقِي لَهُ، وكَذَا لَو وُجدَ ذَكَرانِ أو ذُكُورٌ، وإنِ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ، وإنَاثٌ، فالبَاقِي بَينَهُمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وإنْ كَانَ وَلَدُ الابْنِ أنثى واحدةً، فلَهَا السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَينِ؛ لِمَا رُوِيَ عَن هزيل بن شُرَحْبيلَ -بالزاي- أنه قَالَ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبنْتِ النِّصْفُ، وللأخت النِّصْفُ، وَائْت ابْنَ مَسْعُودٍ فسَيُتَابِعُني فسئِلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وأُخَبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذنْ وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، لأَقْضِيَنَّ فِيهَا بَمَا قَضَى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: لِلبِنْتِ النِّصْفُ، ولبِنْتِ الابْنِ السُّدُسُ [تكملة الثلثين] وَمَا بَقِيَ فللأخت، فَأَتيْنَا أَبَا مُوسَى، فَأَخبَرْنَاهُ بقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحِبْرُ فِيكُمْ وبَينَكُم (١).

وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فصاعداً، فالسُّدُسُ لَهُنَّ؛ لأنَّ البَنَاتِ لاَ يَسْتحْقِقْنَ أكْثَرَ مِنَ الثُّلُثَيْنِ، فَالبِنْتُ وبنتُ الابنِ أَوْلَى بذَلِكَ؛ لأنَّ البَنَاتِ يُسَوَّى بَينَهُنَّ، وتُرَجِّحُ البِنْتُ عَلَى بناتِ الابنِ لقُرْبِها، وإنْ كانَ منْ أولادِ الصُّلْبِ بنتَانِ فصَاعِداً، فَلَهُنَّ الثُّلْثَانِ، ولَاَ يُفْرَضُ لِبَنَاتِ الابْن شيء؛ لأنَّهُنَّ إنَّمَا يَأخُذْنَ الثُّلُثَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ البَنَاتِ أوْ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثَيْنِ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ هَذَا السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، لكِنْ لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ أوْ أسْفَلَ مِنْهُنَّ ذَكَرٌ عَصَّبَهُنَّ وكانَ البَاقِي بينهُمْ للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ، وأمَّا تَعْصِيبُ مَنْ في دَرَجَتِهنَّ إيَّاهُنَّ، فَكَمَا يُعَصِّبُ الابنُ البَنَاتِ، والأخُ الأخَوَاتِ، والَّذِي في دَرَجَتِهِنَّ قَدْ يَكُونُ أَخاهُنَّ، وقَدْ يكُونُ أَخَا بعضِهِنَّ، ويُسمَّى [الأخ] المبارَكَ، وَقَدْ يكونُ ابْنَ عَمِّهِنَّ، وأمَّا تَعْصِيبُ منْ هُوَ أسْفَلُ مِنهُنَّ؛ فلأنَّه لاَ يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ؛ لأنَّهُ عَصَبَةٌ ذَكَرٌ، [وَأَمَّا إذَا] لَمْ يَسْقِطْ، فَكَيْفَ يَجوزُ حرْمانُ منْ فَوْقَهُ؟ وكيفَ يُفرَدُ بالمِيرَاثِ مع بُعْدِه، ولَوْ كَانَ في دَرَجَتِهِنَّ، لَمْ يُفْرَدْ مَع قُرْبِهِ، ولهذَا لاَ يُعَصِّبُ منْ هِيَ أسفَل مِنْهُ، ولا يُعَصِّبُ التي فَوْقَهُ، إذَا أخذَتْ شَيْئاً، وذَلِكَ فيما إذَا خَلَّفَتْ بنتُ صُلْبٍ واحِدَةً، وبنتَ ابْنٍ، وابنَ ابْنِ ابنٍ، وبنْتَ ابنِ ابنٍ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، ولبنْتِ الابْنِ السُّدُسُ، والبَاقِي بَيْنَ الأسْفَلين أَثْلاَثاً [لأنَّ الَّتِي فَوْقَهُ غَيُر مَحْرُومةٍ، فَجَرَيْنَا علَى القِياسِ، وأَوْلادُ ابنِ الابنِ مَعَ أولادِ الابنِ، كأولادِ الابْنِ معَ أولاد


(١) رواه [أحمد والبخاري وأبو داود، والترمذي وابن ماجة والحاكم، من هذا الوجه، زاد من عدا البخاري: جاء رجل إلى أبي موسى، وسلمان بن ربيعة، والباقي نحوه (تنبيه) هزيل قيده الرافعي في الأصل بالزاي وإنما صنع ذلك مع وضوحه: لأنه وقع في كلام كثير من الفقهاء هذيل بالذال، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>