للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ الجَدُّ كَوَاحِدٍ مِنْهُمُ ما دامَتِ القِسْمَةُ خَيْراً لَهُ مِنَ الثُّلُثِ، فَإنْ نَقَصَتِ القِسْمَةُ مِنَ الثُّلُثِ فَلَهُ الثُّلُثُ كَامِلاً، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ أَوْ ثَلاَثُ أَخَوَاتٍ أَوْ أُمٌّ وَأُخْتَانِ فَالْقِسْمَةُ خَيْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتِ أَوْ أَخٍ وَأخْتَانِ فَالْقِسْمَةُ وَالثُّلُثُ سِيَّانِ، فَإنْ كَانَ الإِخْوَةُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَالْثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ فَيُسَلَّمُ إِلَيْهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القَوْلُ في ميرَاثِ الجدِّ مع الإخوة بابٌ خطيرٌ في الفرَائِضِ، وقَدْ أكثر فيه الصحابةُ ومَن بعْدَهُمْ من الأئمة (١) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وإنَّما أورده المصنِّف في هذا المَوْضع؛ لأنَّه قد بيَّنَ في ترْتِيب العَصَبات أنَّ الجَدَّ مع الإِخوةِ والأَخَوَاتِ من الأَبَوَيْنِ، أو من الأب في درَجَةٍ وَاحِدَةٍ، لا هُوَ يُسْقِطُهم، ولا هُمُ يُسْقِطُونه، فمسَّت الحاجةُ إلَى معرفةِ أَنَّهم كيف يقْتَسِمُون المالَ.

وقوله: "فالْإِخْوَةُ لِلأُمِّ يسْقُطُونَ" هذا قد أعادَهُ من بَعْدُ في فصل حَجْب الإخْوَة، ولا ضرورةَ إلَى ذكْره هاهنا؛ لأَنَّ الكلامَ من أولِ الفَصْل الثَّاني إلَى آخِرِ ما يتَعلَّقَ بالجَدِّ والإِخوة في العَصَبَات؛ ألا تَرَى أنه قَالَ في آخِرِ حُكْم العَصَبَات، والإِخوة "والأَخَوَات من الأُمِّ: لَيْسُوا مِنَ الْعَصَبَاتِ" وجملة القوْلِ في الباب أَنَّ الإخوةَ والأَخَوَاتِ من الأبوين أو من الأبِ، إذا اجتمعوا مع الجَدِّ لم يَسْقُطوا به، وبهذا قاَل مالكٌ وأحمدُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-.

وقال أبو حنيفةَ والمُزَنِيُّ: إِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ، ويُحْكَى ذلك عن اختيار ابن سُرَيْجٍ، ومحمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ، وابْنِ اللَّبَّانِ وأبِي مَنْصُورٍ البَغْدَادِيِّ، ووُجِّهَ ذلك: بأنِ ابْنَ الابْنِ نازلٌ منزلة الابْنِ في إِسقاط الإخوة والأخَوَات، وغيره فلْيَكُنْ أبُ الأبُ نازلاً منزلةَ الأَبِ، ويُرْوَى هذا التوجيهُ عن ابنَ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (٢) - وبأنَّ الجَدَّ أَقْوَى من الأخِ، بدليل أنَّه يشاركه في الإرْثِ، وينفرد بولايةِ المَالِ والنِّكَاح، وبدليلِ أنَّ الابْن


(١) [قال الحافظ في التلخيص: في البخاري تعليقاً يروى عن عمر. وعلي. وزيد بن ثابت. وابن مسعود في الجد قضايا مختلفة، وقد بينت أسانيد ذلك في تعليق التعليق، وقد ذكر البيهقي في ذلك آثاراً كثيرة، وروى الخطابي في الغريب بإسناده صحيح عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن الجد، فقال: ما تصنع بالجد؟ لقد حفظت عن عمر فيه مائة قضية يخالف بعضها بعضاً، ثم أنكر الخطابي هذا إنكاراً شديداً بما لا محصل له وسبقه إلى ذلك ابن قتيبة في مقدمة مختلف الحديث وما المانع أن يكون قول عبيدة مائة قضية على سبيل المبالغة، وقد أول البزار كلام عبيدة هذا].
(٢) قال الحافظ لم أره كذلك، لكن في البيهقي من طريق عبد الله بن مغفل: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: كيف تقول في الجد؟ قال: إنه لا جد أي أب لك أكبر، فسكت الرجل فلم يجبه، فقلت: أنا آدم، قال: أفلا تسمع إلى قول الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>