للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفرض إلاّ وهو محتمل للحيض فلا بد من الاحتياط، وعن أقضى القضاة الماوردي، وجه آخر: أنه لا بأس بوطئها ورأيته لبعض المتأخرين أيضاً، ووجهه أن الاستحاضة علة مزمنة فالتَّحريم توريط لها في الفساد، وإذا قلنا بالصحيح، فلو فعل عصى ولزمها الغسل من الجنابة، ولا يعود هاهنا، فالقول المذكور في وجوب الكَفَّارة بوطء الحائض؛ لأنَّا لا نتيقن وقوعه في الحيض، فتسقط الكفّارة بالشُّبهة كما يثبت التَّحريم بالشُّبهة، وهل يجوز الاسْتِمْتَاع بما تحت الإِزار منها؟ فيه الخلاف الذي سبق في الحائض.

قال الغزالي: (الثَّانِي) أَنْ لاَ تَدْخُلَ المَسْجِدَ، وَلاَ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ.

قال الرافعي: المتحيرة لا تقرأ القرآن لاحتمال الحيض في كل زمان، وقد ذكرنا في الحائض قولاً: إنها تقرأ، فهذه أولى، إذ لا نهاية لعذرها، هذا في القراءة خارج الصلاة، وأما في الصلاة فهل تزيد على الفاتحة؟ فيه وجهان:

أظهرهما: نعم، ولا حجر وحكمها في دخول المسجد حكم الحائض، فلا تمكث بحال ولا تعبر عند خوف التلويث وعند الأمن وجهان، ولا يخفى بعد هذا أنه ينبغي أن يعلّم قوله: "ولا تقرأ القرآن ولا تدخل المسجد" كلاهما بالواو.

قال الغزالي: (الثَّالِثُ) أَنَّهَا تُصَلِّي وَظَائِفَ الأَوْقَاتِ لاحتِمَالِ الطُّهْرِ، وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ لاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الدَّمِ.

قال الرافعي: يجب على المتحيّرة أن تصلّي الخمس أبداً؛ لأن كل وقت أفرد بالنظر فمن الجائز كونها طاهرة فيه فنأخذ بالاحتياط، وهل لها أن تتنفّل؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا ضرورة في التَّنَفُّل مع احتمال الحيض فصار كقراءة القرآن في غير الصَّلاة، وحمل المصحف.

وأصحهما: نعم، كالمتيمم يتنفل مع بقاء حدثه، ولأن النوافل من مهمات الدين فلا وجه لحرمانها عنها.

ومنهم من جوز السنن الراتبة دون غيرها وهذا الخلاف يجري في نوافل الصوم والطواف ثم يلزمها أن تغتسل لكل فريضة لاحتمال الانقطاع قبلها ويجب أن يقع غسلها في الوقت؛ لأنه طهارة ضرورة فصار كالمتيمم وفي وجه: لو وقع غسلها قبل الوقت وانطبق أول الصلاة على أول الوقت وآخر الغسل جاز، وقد ذكرنا نظيره في طهارة المُسْتَحَاضَةِ، وهل تلزمها المبادرة إلى الصلاة عقيب الغسل؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، أما ذكرنا في وضوء المستحاضة.

وأصحهما: عند إمام الحرمين وصاحب الكتاب: لا، لأنا إنما نوجب المبادرة

<<  <  ج: ص:  >  >>