وقَالَ الإمَامُ: لاَ، بَلْ يَبْطُلُ لاَ مَحَالَةَ؛ لأنَّ القَبُولَ بِالْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي سَائِرِ العُقُودِ، وقبولُ الوصيَّةِ بِخَلاَفِهِ؛ ألاَ تَرَى أنَّهُ يُعْتَدُّ بِهِ مُنْفَصِلاً عنِ الإيجَاب، واقِعاً بَعْدَ خُرُوجِ الموجب عَنْ أَهْلِيَّةِ الإيجَابِ، فصار من وارث المُوصَى له مع أنه لم يُخاطَبْ؟ إذا صحَّحنا قَبُول العبْدِ من غير إذْن السيِّد، فلو منعه القَبُول، قال الإمامُ -رحمه الله-: الظاهر عنْدِي الصحَّةُ، وحصول الملْك للسَّيد، كما لو نهَاهُ عن الخُلْع، فخالع، وإذا قلْنا: لا يصحُّ من غير إذنه؛ فلو ردَّ السيد، فهو أبلغُ من عَدَمِ الإذْن، فلو بدا له أن يأْذَنَ في القَبُول بعْد ذلك؛ ففيه احتمالٌ عند الإمام، قال: وإذَا صحَّحْنا القُبُول من السَّيِّد، فيجبُ أنْ يبْطُلَ ردُّ العبد، لو ردَّه.
والثانيةُ ألا يستمر رقُّه، بل يُعْتَقَ، فيُنظَر؛ إن عَتَقَ قبل موت الموصِي، فالاستحقاقُ للعبد؛ لأن الوصيَّة تمليكٌ بعد الموت؛ وهو حرٌّ حينئذ، وإن عَتَقَ بعد موته، فإما أن يقبل ثم يُعْتَقَ وإما أن يُعْتَقَ ثُمَّ يُقْبَلَ، إنْ قُبِلَ ثم عَتَقَ، فالاستحقاقُ للسيِّد، وإن عَتَقَ ثم قُبِلَ، فإن قلْنا: الوصيَّةُ تُمْلَكُ بالمَوْت، أو قلْنا: يتبيَّن بالقبول الملْك من يوم المَوْتِ، فالاستحقاقُ للسَّيِّدِ أيضاً. وإنْ قلْنا: تملك بالقبول، فللعَبد.
= يعتق العبد إنَّ وإن حينئذ حراً أو سيده ويحتمل عدم مجيء التفصيل هنا، والفرق أنه قد يعتق قبل موت الموصي وقال بعض الفضلاء في الوجه للعبد نظر، وذلك أنهم قالوا: لو أوصى لعبد فالاعتبار بصرف الوصية وعدمها بوقت الموت، فإن كان حراً حينئذ فالوصية له، وإن كان رقيقاً فإن كان سيداً أجنبياً فالوصية له وإن وارثاً فهي وصية للوارث.