للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيدَانِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلاَّ عُودُ القَوْسِ وَالبنَاءِ، وَلَوْ أَوْصَى بِقَوْسٍ حُمِلَ عَلَى مَا يُرْمِى بِهِ النِّشَابُ دُونَ قَوْسِ النَّدْفَ وَالجَلاَهِقِ إلاَّ إذَا قَالَ قَوْسِ مَنْ قِسِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلاَّ قَوْسُ النَّدْفِ وَالجُلاَهِقِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه ثلاثُ صُوَرٍ:

احداها: الطَّبْل أنواعٌ، أسلفنا ذِكْرَها، وبيَّنَّا أنَّ طَبْلَ اللهو، إن صَلُح لمنفعة مباحةٍ، إما على هيئته، وإما بعْد التغْيير الذي لا يُبْطِلُ اسْمَ الطبل، صحَّتِ الوصية، وإلاَّ فَلا، إذا تذكَّرْتَ ذلك، فلو أطلق، وقال: أعطُوه طبلًا من مالي، ولم يكن له طبلٌ يَحِلُّ الانتفاع به اشتُرِيَ، ودُفِعَ إلَيْه، وإن قال: طبلاً من طبولي، فإن كان له طبْلٌ يحلُّ الانتفاع به؛ كَطَبْل الحرب، وطَبْل اللَّهْو لا تصحُّ الوصية به ونزل على طبل الحرب ونحوه؛ ميلاً إلى التصحيح؛ لأن الموصِىِ يقْصِدُ حيازة الثَّوَاب، فالظاهرُ أنه يقْصِدُ ما تصحُّ الوصية به، وإن لم يكن له إلا طبُولٌ، لا تصحُّ الوصيةُ بها، فالوصيَّة باطلة فهذا صحَّتِ الوصيةُ بالطبل، فالجِلْدُ الذي عليه، يُدْفَعُ إلى المُوصَى له، إن كان لا يقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطبل دُونَ الجِلْدِ، والدُّفُّ تجوز الوصيَّةُ به، فإن كان علَيْه شيْءٌ من الجَلاَجِل وحرَّمْنَاها نزعت، ولم يُدْفَعْ إلَيْه إلا حَتى أن يَنُصَّ عليها.

الثانِيَةُ: اسم العُودِ يقَعُ عَلَى هذا الَّذِي يُضْرَبُ به، وهُوَ عود اللَّهْو، وعلى الواحدِ مِنَ الأَخْشَاب، منْها التي تستعمل في البناء، والتي تصْلُحِ لِلْقِسِيِّ والعِصِيِّ؛ والوصيةُ بعُودِ اللَّهْوِ، كَهِيَ بطَبل اللَّهْو، فَيُنْظَرُ؛ هل يَصْلُحُ عَلَى هيئته؛ لمنفعةٍ مباحةٍ، أو بعد التَّغْيِيرِ الَّذي لا يَبْطُلُ اسم العُودِ، أو لا يَصْلُحُ؟ وإذا صحَّتِ الوصيةُ به، لم يُدْفَع إلَيْه الوَتَرُ، والمِضْرَابُ؛ لأنه يُسَمَّى عُودًا دونهما.

وإن قال: أعْطُوه عُودًا من عيداني، نُظِرَ؛ إن لم يكُنْ إلاَّ عيدان القسي والبناء، فيُعْطَى واحداً منها، وكذا لو كان مَعَها عيدانُ اللهو, لكنها تصلُحُ لمنفعة مباحةٍ، فيعطيه الوارثُ ما شاء من الكُلِّ، وإن كان له عيدان اللهو، الَّتي لا تصْلُحُ لمنفعة مباحة، وعيدانِ القسيِّ، والبناء، فوجهان:

أحدهما: تنزيل الوصيَّة عَلَى عيدان القِسِيِّ، والبناءِ كمثله في الطَّبْل، وكما لو لم يكُنْ إلاَّ عيدان القسيِّ والبناء، فيعطَى واحداً منها.

وأظهرهما: وهو المنصوص: أن الوصية تُنَزَّلُ على عيدان اللهو، فيُبطل؛ لأن اسْمَ العُود عند الإطلاق لهذا الذي يُضْرَبُ به، واستعمالُهُ في غيره مرجُوحٌ، والطَّبْلُ يقع على طَبْل اللَّهو وغيره وقوعًا واحداً، وليس كما لو قال: عوداً من عيداني، ليس له إلاَّ أعوادُ البناء والقسي؛ لأن هناك التقييد منَعَنا من الأخْذ بالإطْلاَق، وهاهنا فوائدُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>