للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأَنواع الثلاثة وغَيْرها، ويشبه أن يكون كما لو قال: أعطوه قوساً إِلاَّ أن يقول ما يُسَمَّى قوسًا غالباً، أو نَادِرًا، أو ما أَشبه ذلك، ولو قال: أعطوه قوسًا من قِسِيِّ، وله قِسِيٌّ من كلِّ نوع، أُعْطِيَ ما يرمي به النبل، أو النِّشابِ، أو [الحسبان] (١) دون قَوْس النَّدْف والجُلاَهِقِ، وكذلك لو كان له شَيْء من الأنواع الثَّلاثة، فإن لم يَكُنْ له إلاَّ قوسُ الجُلاَهِقِ، أو قوس الندف [حمل اللفظ عليه؛ للتقييد والإضافة، وإن كان له الجُلاَهِقُ وقوْسُ النَّدْف] (٢) جميعاً، أُعْطِيَ الجُلاَهِقَ؛ لأن الاسم أسبقُ إِلَيْه، وكل هذا عند الإِطلاق، فلو قال أعطُوه قوسًا يقاتِلُ بها، أو يَرْمِي الطير، أو يندق، فقد أبان الغَرَضَ، وهل يستتبع الوصيَّة بالقوس الوَتَر؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن الانتفاعَ يتوقَّف عليه.

وأصحُّهما: لا؛ لخروجه عن مُسمَّى القوس، وصار كما أن الوصيَّة بالدابَّة لا يستتبع السرج، ويشبه أن يجيء الوجهان في بَيْع القَوْس، والنصلُ والرِّيشُ يدْخُلاَن في السَّهْم؛ لثبوتهما، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ دُفِعَ اِلَيْهِ الصَّغِيرُ وَالكبِيرُ وَالمَعِيبُ وَالسَّلِيمُ والذَّكَرُ وَالأُنْثَى وَالضَّأْنُ وَالمَعْزُ، وَلاَ يُعْطَى الكَبْشَ عَلَى النَّصِّ، وَقِيلَ: يُعْطَى إِذْ لَيْسَ التَّاءُ فِيهَا لِلتَّأْنِيثِ، وَاسْمُ البَعِيرِ في تَنَاوِلِهِ النَّاقَةَ كَالشَّاةِ في تَنَاوُلهَا الكَبْشَ فِيهِ خِلاَفٌ وَالجَمَلُ لاَ يَتَنَاوَلُ النَّاقَةُ، وَلاَ النَّاقَةُ الجَمَلَ، وَلاَ الثَّوْرُ البَقَرَةَ، وَلاَ عَكْسُهَا، وَلاَ الكَلْبُ الكَلْبَةَ، وَلاَ الحِمَارَ الحمارة، وَلاَ الدَّابَّةُ الخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ، فَإِنْ خَصَّصَ عُرْفُ بَلْدَةٍ بِالفَرَسِ فَقِيلَ يُحْكَمُ بِالعُرْفِ، وَقِيلَ: يُنَزَّلُ عَلَى الوَضْعِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إحدَى صُور الفَصْل: اسمُ الشاة يَنْتَظمُ صغيرةَ الجثَّة، وكبيرتَهَا، والسَّليمةَ، والمعيبَة، والصحيحةَ، والمَرِيضةَ، والضأْنِيَّة، والماعزةَ، وأما الكِبَاشُ، والتُّيُوسُ، فنصَّ الشَّافعيّ -رضي الله عنه- في "الأم" أن اسْمَ الشاةِ لا يتناولُهَا، وإنما هو للإناث بالعُرْف، ومن الأصحاب من قال: إنه يتناول الذَّكَر والأنثَى؛ لأنه اسْمُ جنْسٍ كالإنسان، وليست التاء فيه للتأْنيثِ، يدُلُّ عليه قولُهِم: لَفْظُ الشاةِ يذكَّر ويؤنَّث، ولهذا حُمِلَ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "في أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةُ" على المذكور والإِناث، وبهذا الوجْهِ أجابَ صاحب "التهذيب" وذكر أبو عبد الله الحناطيُّ مصير الأصحاب [أكثرهم] (٣) إليه، ويؤيِّده أنَّا ذكرنا


(١) في ب: الحساب.
(٢) سقط في: ز، أ.
(٣) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>