وقال في "المعتمد": الجواميسُ لا تدْخُل في البقر إلاَّ إذا قال: من بَقَرِي، وليس له إلاَّ الجواميسُ، فوجهان، كما ذكرنا في الظِّبَاء.
الثالثة: الدابَّةُ في اللغة اسْمٌ لما يدِبُّ على وجه الأرض، ثم إنه اشتهر استعماله فيما يُرْكَبُ من البهائم، والوصيةُ تنزل عَلَى هذا الموضع الثاني، فلو قال: أعطُوهُ دابَّةً حمل على الخيل والبغال والحمير، فيما نصَّ عليه الشَّافعيُّ -رضي الله عنه-.
واختلف الأصحابُ -رحمهم الله- فعنِ ابْنِ سُرَيْجٍ أن الشَّافعيَّ -رضي الله عنه- إنما ذكَرَ ذلك عَلَى عادَةِ أهْلِ مصْرَ في ركوبها جميعاً، وباستعمال لفظ "الدابة" فيها، فأما في سائر البلادِ، فحَيْثُ لا يستعمل اللفظُ إلاَّ في الفرس، لا يعطَى إِلاَّ الفرَسَ، وعن أبي إِسحاق، وابن أبي هريرة، وغيرهما أن الحُكْمَ في جميع البلاد، كما نص عليه، هذا ما أشار إليه صاحبُ الكتاب بقوله:"فقد قيل: يُحْكَمُ بالعرف، وقيل: يُنَزَّلُ على الوَضْع" يعني الوضْعَ الثاني، وهذا أظهر عند الأئمة، وعلى هذا؛ فلو قال: دابَّةً من دَوَابِّي، وله جنْسَانِ من الأجناس الثلاثة، يخير الوارث، فإن لم يكن له إلاَّ جنْسٌ واحِدٌ، تعيَّن، وإن لم يكن له شيء منها، فالوصية باطلةٌ.
ويدخل في لفظ "الدابَّة" الذكر والأنثَى، والسليم والمعيب، والصغير والكبير، هذا عند الإطلاق.
أما إذا قيد؛ فقال: دَابَّةً للكَرِّ، والفَرِّ أو للقتال، حُمِلَ على الفَرس، ولو قال: لينتفع بظهرها ونَسلِها [ودَرِّها]، فكذلك، ولو قال: يظَهْرِها، ونَسْلِها، حُمِلَ على الفرس، والحمار، ولو قال: للحَمْل، حُمِل على البغَال والحَمير، إِلاَّ أن يكون في بلد [حرث] جرت عادتهم بالحَمْل على البراذين، فيدخُلُ الكُلُّ.
قال في "التتمة": بل لو كان المعهودُ في ذلك البلد الحَمْلَ على الجمال والبقَرِ، فيجوز أن يُعطَى حَمَلاً أو بقَرَةً، ولك أن تقول: هذا كلامٌ لم يصدُرْ عن تأمُّل، فإنا إِذا نزَّلنا الدابَّةَ عَلَى الأجناس الثلاثةِ، لا ينتظم منَّا حمْلُها عَلَى غير هذه الأجناس، بل نصفها بصفة، أو تقييدها بقَيْدٍ.